إشارة مرور

الساعة تشير للواحدة وثلاث وثلاثون دقيقة ظهراً وبجوارها مؤشر مقياس الحرارة يشير إلى الواحدة والأربعون .. الجو خانق بالخارج .. كل بسيارته مُحتجزاً في إشارة المرور مغلقاً زجاج السيارة منعزلاً عن من بجانبه ... في إشارة المرور لاتدري ماذا تفعل إلا أن تتطلع للسيارات المجاورة ومن بداخلها ، بجواري سيارة سوداء حديثة ذات دفع رباعي ويد تبدو بيضاء بضة لم يتم العبث بها تتزين بأساور ذهبية كثيرة بعدما سقط جزء من عبائتها وهي تمسك بالماسك العلوي ... هي الأخرى تلتفت إلىّ لأري عيون سوداء رائعة صافية صفاء نقابها الأسود ، عيون تحمل دليل آخر على روعة الخالق ... يقترب شاب أسيوي فقير يبدو أنه يبيع بعض الألعاب الرخيصة في إشارات المرور ... يحن قلب الوجه القاسي الساكن بجوارها من يقود السيارة بالتأكيد زوجها ... ينزلق الزجاج مسافة تسمح ليده بالعبور تدفع بالنقود لتلتقط لعبة ... ذات العيون السوداء تتوحش وتعنف زوجها وتشيح بيدها بطريقة مهينة للشاب وتدفع النقود القليلة لصدر زوجها ، وقتها أدركت أن الجمال أحيانا يخفي خلفه كم كبير من القبح ، أنظر للسيارة على الجانب الآخر ... إنه مجنون بلاشك يتحدث لشخص غير مرئي بشكل واضح تماماً وبعصبية شديدة يحاول إقناعه بشئ ما .. تارة بحركة اليد .. وتارة بحركة من الرأس يضحك ويغضب ويصرخ ، وطفل في سيارة أخرى يستوقفه مشهد هذا الرجل ولايلتفت إلى سماعة البلوتوث بأذنه وفي عينيه نظر تشرح الموقف بالكامل ... أبتسم في تلك اللحظة عندما حولتنا التكنولوجيا إلى مجانين
تفتح الإشارة لتنطلق السيارت إلى الإشارة الأخرى ، في الطريق تأتيني مكالمة من عميل يبدو أنه خلق في هذه الحياة من أجل هدف واحد وهو إستفزازي بشتى الطرق ، ويبدو أنه نجح كالمعتاد في ذلك لدرجة أني لم أنتبه في الإشارة التالية لطريقة إشاحتي باليد لذلك الشاب الأسيوي الفقير الذي يبدو أنه يبيع بعض الألعاب الرخيصة في إشارات المرور ... ألمح نفس الطفل في السيارة الأخرى يتابع حواري مع شخص غير مرئي وعلى وجهه نفس النظرة ... أنظر إلى الساعة التي تشير إلى الواحدة وثمان وثلاثون دقيقة ظهراً ومؤشر الحرارة يشير إلى الثانية والأربعون
وتفتح الإشارة لتنطلق السيارت إلى الإشارة الأخرى
------------------------------
لا أدري ما السر في إعادة نشر هذه التدوينة على مدونة