Friday, March 26, 2010

الديكتاتور العادل


كنت قد عاهدت نفسي أن أبتعد عن كتابة تدوينات من نوعية تدوينة مصطفى الفقي أو تدوينة نبيل لوقا بباوي، وذلك رأفة بحال من يتابع المدونة فهو لاينقصه إستفزاز أكثر مما يراه كل يوم، ونظراً لكثرة أشباههم مما يوقعنا في دائرة التكرار الممل ولنا في معجزة عصره ممتاز القط خير مثال، ولكن مافعله اللواء عبد الفتاح عمر وكيل لجنة الأمن القومي بمجلس الشعب فاق كل تصور وكل حدود ولاينبغي أن أكون مُستفزاً وحدي ففي تلك الحالة قد أصاب بمرض عضال يحير الأطباء ويصعب على المتخصصين علاجه، لذلك قررت الكتابة لعل وعسى من يوقعه حظه العاثر في قراءة التدوينة يشارك ويتحمل معي جزء خاص بهذا الإستفزاز ليكون هناك عدالة في التوزيع

لماذا يفعلون بنا هذا كله؟، ماهو الذي إرتكبناه في حق نائب الشعب حتى يجذبنا إلى هذا الدرك الأسفل من المهانة؟، قلنا من قبل لكم أن تحبوا مبارك كما يحلو لكم، وأن تشيدوا به وبإنجازاته ونبوغه وحكمته كما تشتهي أنفسكم، ولكن قليل من الكياسة والفطنة والعلم وأنت تتكلمون بإسم الشعب أو بإسم من يُعتبر أنهم منحوكم أصواتهم حتى ولو زوراً وبهتاناً

كان مجلس الشعب يناقش مد العمل بالقانون الخاص بتفويض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون فى مجال الإنتاج الحربى لمدة ثلاثة سنوات، وهو مايعرف بإسم صلاحية شراء الأسلحة، وهو يعتبر قانون ذو شأن عظيم في بلاد تعرف الديمقراطية والشفافية، وبدلاً من أن يكون النقاش على مستوى أهمية القانون،
يتصدى اللواء وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، مطالباً بإعطاء الرئيس مبارك تفويضاً مطلقاً لإدارة كل شىء فى مصر، حتى لو أراد الرئيس الديكتاتورية فهو الديكتاتور العادل لأنه ليس شخصاً عادياً، وعلينا أن نسلم له رقابنا ورقاب شعبنا ونحن مطمئنون لأنه صمام الأمن، ومنقذ الوطن من براثن البعض .. والله قال كده بالنص

لا أدري كيف يخرج هذا الكلام من نائب من نواب الشعب ومسئولاً عن الأمن القومي، هذه مرحلة متقدمة جداً من مراحل تأليه الحاكم الذي قد نبدع أحياناً كشعب في تكريسها ولكن ليست إلى تلك الدرجة، ياسيادة النائب لا أدري كيف ترى نفسك عندما تخلو بها بعيداً وتضعك رأسك على الوسادة وتنام، ولا أدري كيف يمكن أن تتخيل رأي زملائك في قرارة أنفسهم عنك، ومن أجل ماذا في هذه الحياة يستحق أن تطالب بهذا المطالب المهينة، لن أقول أنك في مقتبل عمرك وتحتاج لمثل تلك الأقاويل ولكنك بلغت من العمر مداه وعاصرت خبرات حياتية كثيرة وعلمت كثيراً عن الديمقراطية وتجاربها والحرية وقواعدها والليبرالية ومنابعها، من هذا الذي على وجه الأرض الذي يجب علينا أن نسلم رقابنا له .. أجننت يارجل

وبعدين أنا مش فاهم إيه حكاية العدل معاكم ؟.. بباوي يقول إن عدل مبارك يعادل عدل عظيم الأمة الفاروق عمر بن الخطاب، وإنت بعدها جاي تقول حتى لو مبارك أراد الديكتاتورية فهو الديكتاتور العادل، أول مرة على فكرة أسمع المصطلح ده .. إنتوا بتألفوا؟، ياأخي قرفتونا خليتوا الواحد يكتب بالعامية، الكلام ده أخره ياسيدي لايصل إلأ أن يكون خرقة بالية لاتصلح لكي نمسح بها مؤخراتنا، أنتم تضربون الديمقراطية في مقتل ولاتعون شيئا عن الثقة والأمانة التي في أعناقكم بحكم مناصبكم ونيابتكم للشعب، أنتم تعيدون مصر لعصور الظلام وتجعلونها أضحوكة بين الشعوب عندما تصدر هذه المطالب من نواب الشعب، مصر في أوائل القرن الماضي قبل مائة عام كان تعيش أزهى ديمقراطية في مجالسها النيابية وأنت أتيت بما لم يأت به أحد قبلك


منذ عامين وأثناء إضراب 6 أبريل الشهير وأحداث المحلة خرج صبي في الحادية عشر من عمره في بلكونته بأحد الأدوار العلوية لمشاهدة مايحدث أحد شوارع المحلة، فأصابته رصاصة طائشة من أفراد الأمن أردته قتيلاً في الحال، ومابين لوعة الأب وحسرته على فقدان زهرة عمره في حديث باكى لكل من شاهده على برنامج الحقيقة لوائل الإبراشي ومابين حرقة قلب المشاهدين على مقتل هذا الصبي البرئ، إتصل اللواء عبد الفتاح عمر بالبرنامج يهاجم الأب والصبي ويتهمهم بأنهم السبب في هذا الحدث مستحدثا مصطلحاً جديداً عن ثقافة الوقوف في البلوكونات (أنا مش فاهم إيه حكاية المصطلحات معاه)، لدرجة أن بكاء الرجل مع حديثه كان يترجى فيك أن يعزيه فقط بكلمة بسيطة أو بشجب ماحدث وهو يرفض مكيلاً الإتهام للأب وسط دهشة الأب ومذيع البرنامج و ملايين المشاهدين


ياسيد عبد الفتاح إرحل أنت إلى مبارك لتمارس معه الديكتاتورية العادلة وتستمتع بها وسَلّمه رقبتك أو أعز ماتملك، وإتركنا نحن لله ليتغمدنا برحمته ولطفه

**********************

أعيد نشر هذه التدوينة في جريدة العربي الناصري

Thursday, March 25, 2010

لقطة من الماضي 7 -- يوم إغتيال الزعيم




كان صباح هذا اليوم مختلف نوعاً ما فاليوم أجازة واليوم عيد إنتصار .. اليوم الثلاثاء 6 أكتوبر 1981، إستيقظت متأخراً بعض الشيئ على صوت المعلق العسكري يعلّق على العرض الذي يحضره الرئيس، لم يكن في التلفزيون مايشجّع فالعرض وبرغم إبهاره إلا أنه كان متكرراً وطويلاً وأصبح مملاً بعض الشيئ، ليس فقط العرض هو الممل، ولكن السادات أيضاً قد أصبح مملاً لكثير من المصريين في هذه المرحلة التي لم يعد يتذكرها الكثير، كان السادات قد وصل لمرحلة تتسع فيها الفجوة بينه وبين شعبه بشكل كبير، وأصبحت تصرفاته وعنايته بنفسه وخطاباته وقراراته تشير إلى أن الرجل قد قارب لمرحلة تشبه جنون العظمة، فمصر هو وهو مصر، أما الشعب فهو شعبي ووصف شعبي هنا كانت تعني المِلكية أكثر منها الإنتماء، كرر السادت عبارة شعبي في مؤتمره الصحفي العالمي في ميت أبو الكوم في 10 سبتمبر عشرين مرة، ويقول هيكل عن تلك الفترة في كتابه خريف الغضب أن دائرة من كان يتصل بهم السادات قد ضاقت وإنحصرت فيما من كانوا على إستعداد لأن يقولوا له مايرغب في سماعه، وأصبح يصدق مايقدم له من نتائج إستفتاءات ويصر على أن أكثر من 99 في المائة من المصريين يؤيدون سياسته، وأن احد لايعارضه إلا قلة من الأرذال والمنحرفين، كان الشعب يرى في السادات تلك الفترة أنه حاكم خيالي يعيش في واد والشعب في واد آخر، حاكم أعمته الصحافة بالإشادة فهو المعجزة وهومحرر العبيد فتكبر وطغى وحتى عندما أراد أن يتحدث للشباب عن مشاكل الشباب في فترة حرجة عقب إعتقالات سبتمبر لم يتحدث عن إلا عن نفسه وإنجازاته وذاته وتجاربه وكأن لا شيئ في مصر أو العالم إلا أنور السادات، أصبح المصريون يرون السادات أنه فرعون مصر الحديث وتراه الجماعات الإسلامية التي نشطت في تلك الفترة أنه الطاغوت

لم يكن في العرض العسكري على شاشة التلفزيون مايُشجّع، كنت وقتها في الصف الأول الثانوي أتحرك هنا وهناك أجلس دقائق أشاهد التلفزيون ثم أبتعد لأعمال أخرى، وبينما إنقطع صوت التلفزيون في الثانية عشر وأربعون دقيقة أسمع صوت شقيقي الأكبر ينتفض وهو يقول: إيه ده الإرسال إتقطع .. فيه ضرب نار في العرض العسكري، هرولت على التلفزيون مقطوع الإرسال ولا أعرف ماذا حدث ولا هو ولكن يبدو أن هناك شغباً، لم يكن يتوقع أحد أن تتطور الأمور لتصل إلى أقصاها، كان التلفزيون يعرض وقتها أغاني وطنية، في الإذاعة لم يكن هناك مايفسر مايحدث، إلا عندما أذاع راديو مونت كارلو موجز أنباء الحادية عشر بتوقيت جرينتش الواحدة ظهراً بتوقيت القاهرة، عندما أعلن المذيع أن إطلاق رصاص حدث أثناء العرض العسكري الذي يحضره السادات وقد أفادت أنباء بأن الرئيس السادات قد وافته المنية وسنوالي تقديم مايستجد من أنباء تباعاً، وقع الخبر على الجميع كالصدمة، لاتصدق أذاننا مانسمع فلم يكن يتوقع أحد أن تتطور الأمور لهذه النتيجة، في الثانية والنصف أذاع الردايو المصري خبراً أنه حدث إطلاق بعض الأعيرة النارية خلال العرض العسكري وقد غادر السادات ساحة العرض العسكري وكل من نائبه حسني مبارك ووزير الدفاع

قصة إغتيال السادات كانت مثل كل مايتم بصلة للسادات مثيرة صادمة جريئة مفاجئة، تفاصيلها أقرب ماتكون فيلم سينمائي، ولن يستطيع المشاهد رغم حبكته إلا أن يعتبره من كلاسيكيات حسن الإمام التي تلعب فيه الصدفة دوراً كبيراً في أحداثه فيبتعد عن الواقعية، ولكن أحياناً يكون الواقع أبعد كثيراً من الخيال وهو ماتوفر في عملية إغتيال السادات، لقد كان سيناريو عملية الإغتيال مثيراً وإستغرق مدة أربعون ثانية فقط لاغير وعندما أعاد الجناة تمثيل جريمة الإغتيال لم يفلحوا أن يقدموها في نفس المدة الزمنية
خالد الإسلامبولي بعدما فتح باب السيارة وقفز خارجها ملقياً القنبلة الأولى

خالد الإسلامبولي عائداً للسيارة ليأخذ من على كرسيه سلاحه الآلي بينما يبدأ عبد الحميد عبد السلام القفز من السيارة والرقيب حسين عباس يطلق الرصاص في إتجاه السادات

في الساعة الثانية عشر وتسعة وثلاثون دقيقة ونصف وبينما كانت طائرات الفانتوم تقوم بإستعراضتها بالأدخنة الملونة كانت العيون كلها متجهة لأعلى، كان طابور المدفعية على أرض الإستعراض يتحرك بمهل أمام المنصة بعربات مدفعية تجر كل عربة خلفها مدفع، وعلى سطح كل عربة ثلاثة جنود وبداخل العربة السائق وقائد العربة، في تلك اللحظة أمر خالد سائق العربة الذي لايعلم شيئا عن عملية الإغتيال بأن يوقف العربة، فإمتثل السائق للأمر وكان في مخطط خالد أن يشدّ فرامل اليد في حالة عدم إمتثال السائق للأمر، كان إتجاه السيارات ناحية الشرق من ناحية نادي السكة في إتجاه رابعة العدوية، فيصبح باب خالد الجالس بجوار السائق مقابل المنصة بينما السائق في مقابلة النصب التذكاري، قفز خالد خارج السيارة وتقدم خطوة للأمام متخذ وضع ثبات قذف خلاله القنبلة الأولى التي إنفجرت أمام المنصة، ثم عاد وإستدار للعربة ليسحب خالد بندقيته الآلية متجهاً ناحية منتصف المنصة، في الوقت الذي قفز فيه عبد الحميد عبد السلام من السيارة بسلاحه متجهاً على يمين خالد الإسلامبولي، وقفز عطا طايل حميدة من السيارة حاملاً سلاحه الآلي في إتجاه يسار خالد بعدما قذف قنبلة من أعلى السيارة إنفجرت في منتصف المسافة، ثم رمى خالد قنبلة ثالثة لم تنفجر أحدثت دخاناً فقط قبلما يقذف عبد الحميد القنبلة الرابعة على المنصة وهو متجه لها، كان هناك القناص حسين عباس على سطح العربة الذي أطلق عدة طلقات من سلاحه في منتصف المنصة تماماً والتي وجدت السادات وحيداً واقفاً غير مصدق لما حدث بينما كان إنبطح الجميع أرضاً، ثم قفز هو الجاني الرابع منطلقاً ناحية المنصة
الإسلامبولي يتقدم في إتجاه منتصف المنصة بينما سبقه على اليمين عبد الحميد عبد السلام ليستطيع أن يتمكن من الوصول للسادات
الثلاثي يهاجم المنصة .. خالد في المنتصف وعلى يمينه عبد الحميد عبد السلام وعلى يساره عطا طايل
اللحظات الأخيرة قبل مغادرة المنصة

إتجه عبد الحميد عبد السلام ناحية يمين المنصة ليتمكن من السادات ويُقال أنه وجد حسني مبارك فأمره بالإبتعاد قائلاً : إحنا مش عايزنك إنت إحنا عايزين الفرعون، وأشك في الرواية حيث كان يجلس مبارك على يمين السادات، كان سلاح خالد في منتصف المنصة على سورها محاولاً إكتشاف موقع السادات ويُقال أنه وجد في مواجهته المشير أبو غزالة فطلب منه الإبتعاد قائلاً: إبعد إنت، بعد ثلاثة طلقات فقط حدث عطل في سلاح خالد فإستبدل خالد سلاحه بسلاح عطا طايل في الوقت الذي كان فيه الرقيب متطوع القناص حسين عباس قد قفز من أعلى السيارة ليلحق بالثلاثة، حاول عطا طايل الهروب من يسار خالد في إتجاه منطقة رابعة العدوية ولكن رصاصة من داخل المنصة أصابته، في الوقت الذي إقترب حسين عباس من المنصة فإستدار خالد ليأخذ منه سلاحه طالباً منه الفرار، وبالفعل فر حسين عباس من أرض العرض وسط الفوضى العارمة دون سلاح، رصاصتين أصابتا عبد الحميد عبد السلام من داخل المنصة ولكن مازال حسين وطايل لديهما قدرة على الحركة السريعة، وبعدما تأكد الثلاثة من مقتل السادات وقبل أن يفروا في إتجاه رابعة العدوية تم إصابتهم وسقوطهم على بعد 75 متر من أرض المنصة برصاص المخابرات الحربية، والملاحظ أن ثلاثتهم لم يتبادلوا معهم إطلاق النار بالرغم من وجود أسلحة بذخيرة معهم، أما حسين عباس فقد إختفى من أرض العرض متجهاً إلى شارع صلاح سالم حيث أوقف تاكسي وإتجه إلى منطقة الألف مسكن وكأنه لم يفعل شيئاً، في الثامنة والنصف مساء أذاع مُبارك بياناً قصيراً ينعي فيه وفاة السادات

هذا كان سيناريو حادث المنصة المثير ولكن السيناريو الأقوى والأكثر إثارة كان في الأيام التي سبقت الحادث، أعدت قراءة ملف الإغتيال وتوقفت عن بعض النقاط



النقطة الأولى هناك ثلاثة تواريخ هامة ترتبط بعملية الإغتيال، أقدمهم قبل الإغتيال بثلاثة وثلاثين يوماً وبالتحديد في 3 سبتمبر عندما صدرت قرارات إعتقالات سبتمبر الشهيرة التي أُعتقل بمقتضاها كل معارضي السادات من كافة التيارات والإتجاهات مما يدل على أن القيادة السياسية قد قد فقدت رشدها تماماً وبعصبية شديدة، معروف أن السلطة أو النظام عندما يهاجم المعارضة فإنه يركز إهتمامه على تيار بذاته سواء كان تيار ديني أو إشتراكي أو وفدي، ولكن أن يواجه كل التيارات السياسية في ذات الوقت وبالإعتقال فلاشك بأن ذلك دليل على غياب الرؤية السياسية لما قد تؤول إليه الأمور، في هذا اليوم صدرت قرارات بإعتقال كافة القوى المعارضة فكان هناك فؤاد سراج الدين سكرتير حزب الوفد الجديد والصحفي محمد حسنين هيكل والبابا شنودة ومرشد الإخوان عمر التلمساني، وفتحي رضوان وزير الإرشاد الأسبق ومحمد فائق وزير الإعلام الأسبق في عهد عبد الناصر، وحلمي مراد أمين حزب العمل، والشيخ كشك والشيخ المحلاوي، وفؤاد مرسي وجلال رجب من حزب التجمع، وميلاد حنا وصلاح عيسى وحمدين صباحي وحسين عبد الرزق، ومن السيدات نوال السعداوي وصافي ناز كاظم وفريدة النقاش ولطيفة الزيات، وكان هناك إسم محشوراً بين قائمة بها أكثر من الف ونصف ألف إسم لم يلتفت له أحد ولم يعيره أحد إنتباها وهو محمد أحمد شوقي الإسلامبولي شقيق خالد
ثم يأتي التاريخ الثاني الذي أعقبه بيومين وبالتحديد في 5 سبتمبر 1981 عندما ألقى السادات خطابه الشهير أمام مجلسي الشعب والشورى والذي كان خطاباً معظمه إرتجالياً بدا فيه السادات وهو في قمة الغضب والتوتر والثورة على معارضيه فأخذ يكيل لهم من الصفات السيئة والتوبيخ والإهانات الكثير، مما إعتبره الكثيرين بداية نهايته فقال مصطفى أمين تعقيباً على جملة لن أرحم بعد الآن: السادت كتب في هذا اليوم شهادة وفاته بيده، أشعل هذا الخطاب العنيف والغاضب غضباً مكتوماً في نفوس كثير من المصريين وكان من بينهم أربعة أشخاص هم الملازم أول العامل بسلاح المدفعية خالد الإسلامبولي 24 سنة، والظابط المستقيل من الخدمة عبد الحميد عبد السلام 29 سنة الذي كان متزوجاً من شقيقة زوج شقيقة خالد الإسلامبولي ويقطن بنفس المبنى الذي تقطن فيه شقيقة خالد والذي يقيم عندها خالد في شارع عبد الحميد أبو هيف بمصر الجديدة، والظابط إحتياط مهندس عطا طايل حميدة 27 سنة، والرقيب حسين عباس 28 سنة أحد أبطال الرماية على مستوى الجمهورية

أما التاريخ الثالث في يوم 28 سبتمبر قبل حادث المنصة بثمانية أيام عندما ذهب السادات مدينة المنصورة ليزور مصنع سماد اليوريا في مدينة طلخا، لقد شاهدت السادات حقيقة على الواقع في هذا اليوم ولم تكن تلك المرة الأولى التي أشاهده فيها، كان السادات يبدو في هذا اليوم شاحباً مثقلاً بالهموم والمشاكل علمت بعدها أنه كان هناك مخطط لإغتياله من قبل جماعة الجهاد بقيادة المقدم عبود الزمر في محطة القطار بالمنصورة، حيث يصل السادات من القاهرة للمنصورة بالقطار فيتم إغتياله من وسط الحشود المنتظرة وهو ينتقل من القطار للسيارة ووقتها تم كشف المحاولة والقبض على أفرادها الخمسة فيما إستطاع عبود الزمر الهرب

النقطة الثانية الصدفة والقدر في ملف الإغتيال كانت بارزة بشكل كبير، فخالد الإسلامبولي المتهم الأول وأحد الأربعة الذين إشتركوا في التنفيذ، لم يكن حتى يوم الأربعاء 23 سبتمبر أي قبل الحادث بثلاثة عشر يوماً لديه أي نية لقتل السادات، عندما تم إستدعاء خالد إلى مكتب قائده المباشر حيث أخبره القائد بصعوبة موافقته على الأجازة السنوية المقدمة له من خالد سابقاً في الفترة من 25 سبتمبر وحتى مابعد عيد الأضحى وذلك لتغيب النقيب عبد الرحمن سليمان المكلف بالإشتراك في العرض العسكري لمرض زوجته الشديد وإستبداله بخالد الذي شارك مرتين سابقتين بالعرض العسكري، كانت تلك الصدفة قدرية لتظهر بوادر فكرة الإغتيال بأرض العرض العسكري، لاشك أن القدر كان له دور كبير في إتمام العملية ، فمن أين يأتي خالد بأشخاص ثقة في ذلك الوقت الضيق ليعدهم للمشاركة في الإغتيال، فمن المعروف أن خالد لم يكن قد عرف أو قابل عطا طايل ولا حسين عباس المشتركين معه في العملية قبل إسبوع من تنفيذها، ومن أين يأتي بالسلاح والذخيرة، وكيف يستطيع أن يدخل شركاؤه طابور العرض، وكيف يستطيع أن يمر من مراحل التفتيش المختلفة، لم يكن أشد المتفائلين منهم يعتقد بنجاح العملية، يقول خالد أن نسبة نجاح العملية عندما قفز من السيارة قاذفاً الفنبلة الأولى على المنصة من على بعد 30 متر كانت لديه صفر في المائة وكان كلما يتقدم نحو المنصة بسلاحه الآلي كانت تزيد نسبة النجاح وهو غير مصدق أنه لم يتصدى له أحد، حتى وصلت النسبة لمائة في المائة وهو أمام المنصة

كثير من الأمور القدرية حدثت ليتم نجاح عملية الإغتيال، فالسادات لم يكن يرتدي القميص الواقي، والسادات عند بداية الهجوم إنتفض واقفاً بينما إنبطح الجميع أرضاً ليسهل مهمة حسين عباس في إلتقاطه بسلاحه، والتفتيش العسكري على الجنود كان من نصيب كل ظابط في مجموعته فكان من نصيب خالد تفتيش مجموعته التي هي أساساً مُكلّفة بالإغتيال، والظابط جرجاوي المكلف بالتفتيش من قبل المخابرات الحربية قبل ساعات من بداية العرض إكتفى بعّد إبر ضرب النار المسحوبة من الأسلحة المستخدمة حيث لايعمل السلاح بدونها، والتي لم يتم سحبها من أسلحة المشاركين الثلاثة وقد إستكملها خالد بثلاث إبر أخرى تم الحصول عليها بنفس طريقة حصوله على الذخيرة والقنابل، والتفتيش من الحرس الجمهوري قبل الدخول لأرض العرض كان من خلال ظابط لم يرتجل من الموتسيكل الخاص به وإكتفى بالنظر إلى خزنة السلاح الخاص بالطاقم المجاور لخالد، ثم إنطلق دون أن يطلب من طاقم سيارة خالد الكشف أيضا عن أسلحتهم، كذلك المكلف بحراسة الرئيس من الأمام ويمكن أن نرى المقعد الخاص به بوضوح أمام المنصة خال بعدما طلب السادات أن ينتقل للخلف وذلك حيث أنه رأى أن ظهور الحارس في هذا الموقع أمام الكاميرات غير مناسب، وخصوصاً أن إحتمال حدوث أي محاولات سوف يكون من خلف المنصة التي شهدت حراسة غير عادية

النقطة الثالثة التي إسترعت إنتباهي في سيناريو مقتل السادات هو الرائد مكرم عبد العال ، هذا الرجل كارثة قدرية ساقها القدر لتكون شريكاً قدرياً أساسياً في سيناريو إغتيال السادات دون أن يدري أو يعلم شيئاً، فبدون هذا الرجل لم يكن لهذا السيناريو أن يبدأ من الأساس، قبل حادثة مقتل السادات بعدة أشهر كانت إتجاهات خالد الدينية تجعله في زيارة للمساجد السُنّية التي يكثر فيها من يعتنقون فكر الجهاد، وحيث أن تلك المواقع كانت مراقبة بشدة من الجهات الأمنية فلفت نظرهم وجود خالد الإسلامبولي، وبالتحري تبين أنه ظابط عامل بالقوات المسلحة فرُفع الأمر للمخابرات العسكرية للتحقيق معه، لم يكتشف الرائد المخابرات مايدين خالد سوى بعض ميوله الدينية ولا أكثر من ذلك، فتركه يرحل بعدما نصحه بالإبتعاد عن تلك الشبهات نظراً لموقعه داخل القوات المسلحة، وكما يقول عادل حمودة في كتابه إغتيال رئيس عن تقرير من المخابرات الحربية أن الرائد قام بكتابة تعليق أسفل التحقيق يراعى عدم إشتراكه في العرض العسكري، تلك التأشيرة التي لم يتذكرها قائد خالد المباشر الرائد مكرم عبد العال، الرائد مكرم عبد العال الذي كان يعلم بأن الشرطة قد إعتقلت محمد شقيق خالد الإسلامبولي في ضمن إعتقالات 3 سبتمبر 1981، الرائد مكرم الذي أصر على إلغاء أجازة خالد السنوية وإشتراكه في العرض العسكري، الرائد مكرم عبد العال الذي لم يهتم بغياب بعض جنود مجموعة الظابط خالد الإسلامبولي، ولم يهتم بأن يعرف من أين سوف يحضر خالد جنود آخرين عندما طلب من خالد أن يتصرف ويحل المشكلة عقب علمه بغياب بعض الجنود في مجموعته، الرائد مكرم عبد العال الذي لم يحاول أن يتأكد من هوية الجنود الملحقين على وحدته من وحدة أخرى للمشاركة في العرض، فلم يكن حتى لخطابات الإلحاق المزورة التي أعدها خالد مسبقاً وأعطاها للجنود المزيفين زملاؤه عبد الحميد وعطا وحسين أي داع فلم يطلبها منهم أحد، في قضية الإغتيال تتبعت الرائد مكرم ضمن الأحداث لأكتشف أنه تم التحقيق مع ستة من القادة في سلاح المدفعية كان بينهم الرائد مكرم عبد العال تم تبرئتهم جميعاً فيما عدا الرائد مكرم عبد العال الذي تم إعفائه من الخدمة العسكرية وتسريحه من الجيش وقد أصيب بإنهيار عصبي

لم يكن فقط الرائد مكرم الذي أصيب بإنهيار عصبي ولكن العجيب والفريد وحسب التقرير الطبي الموقع من 11 طبيب من أكبر أطباء مستشفى المعادي، أن السبب الرئيسي لوفاة السادات كان نتيجة لصدمة عصبية شديدة قبل أن يذكر أسباب أخرى منها نزيف داخلي بتجويف الصدر وتهتك بالرئة اليسرى، ياالله لقد مات السادات أولاً نتيجة صدمة عصبية شديدة من هول المفاجأة عليه .. ومن رحمة الله أنه مات لأن السادات لو كان قد نجا .. لم يكن يدري أحد ماذا يمكن أن يحيط بالبلاد أوماذا يمكن أن يفعل السادات

Sunday, March 21, 2010

Earth Hour ساعة الأرض



العالم سيطفئ أنواره يوم السبت 27 مارس في الثامنة والنصف مساء



لاشك أن الأمر الوحيد الذي يلغي الحدود ويدمج الشعوب هو المناخ والبيئة ، لذلك كان التغير المناخي هو العامل الذي يلغي الصراعات القومية والهوية وينتقل لرحاب الإنسانية، عند الحديث عن المناخ لاتسأل من أي بلد أنت ولكن تسائل لأي كوكب تنتمي، قد يبدو الأمر لدى من لاينظرون لأبعد من أقدامهم شيئ تافه يبتكره العالم الأول في ظل رفاهية لا يعاني ماتعانيه شعوب العالم الثالث، ولكنه في الحقيقة يرسخ بعداً أبعد في التعامل الانساني الذي يلغي فيه وسائل العنصرية القومية والطائفية والعرقية التي إبتكرناها لنتحرر للحقيقة التي نتجاهلها، وهي أننا جميعا ننتمي لأصل واحد وهي هذه الأرض بمعناها الأسمى ولجنس واحد وهو الجنس البشري، لايجب أن تفرقنا تصنيفات ولاحدود ولاألوان


مانفعله في الأرض وماينعكس عليها من تغيرات مناخية هو أمر خطير وبشع ولن تستطيع أن تدرك حقيقته إلا عندما تشاهد هذا الفيلم الرائع الذي يوجز الفكرة في عنوانه، يُقال أن الفن والإبداع وجودته يقاس بتأثيره على المتعاملين معه، وهذا الفيلم بالتأكيد سوف يتركك في حالة مخالفة للحالة التي كنت عليها قبل مشاهدته، عنوان الفيلم "هووم" أو "بيتنا" وهو فيلم غير ربحي لن تجد أروع منه لكي يجعلك تكون ناشطاً بيئياً عن إقتناع مهما كانت نظرياتك وتنظيراتك الفكرية، لم أجد صورة ولا تعليق ولا إيجاز ولا حقيقة أوضح من هذا الفيلم الذي أجزم أنه لن يكون هناك فيلم في مجاله يستطيع أن يطوله، نسخة عالية الجودة بصورة كبيرة ومدته ساعة ونصف تقريباً، وقد شاهد النسخة الإنجليزية منه مايقارب الستة ملايين شخص، ومن أهميته تم طرح نسخة منه باللغة العربية بتعليق ناضج لمستوى الصورة والحدث، أنصحك بفتحه من هذا الرابط على اليوتيوب وتركه يقوم بالتحميل لتشاهده كاملاً

نعود لموضوع اليوم وهو ساعة الأرض هذا الحدث الذي لم يكن ليمر دون أن نلقي نظرة عليه، في عام 2008 كانت البداية في مدينة سيدني الأسترالية عندما إنتشرت دعوة للتنبيه بأهمية التغيير المناخي والطرق السلبية التي نتعامل بها مع مواردنا التي قد تكون ذات ملامح تنموية حالية ولكنها تحمل في طياتها ملامح تدميرية كارثية مستقبلية قريبة .. بل قريبة جداً، كانت دعوة التنبيه في سيدني تقوم على فكرة مبسطة وهي إغلاق الأضواء في كل مكان لمدة ساعة، وشارك يومها عدد مليونين وربع مليون منزل ومحل عمل وموقع بتنفيذ فكرة الدعوة، وإنتقلت الفكرة بصورة أكثر إنتشاراً في مارس عام 2009 عندما شارك أهالي سيدني مئات الملايين في بقاع الأرض وبالتحديد في 4000 مدينة في 80 دولة بصورة رسمية على مستوى العالم ، وفي الفيديو الرسمي القصير للدعوة المعروض بالأسفل كان الجيد في الأمر عند عرض لقطات للمدن المشاركة في عام 2009 برزت مدينتين عربيتين وهما مدينة القاهرة العاصمة المصرية ومدينة الكويت العاصمة الكويتية




الدعوة هذا العام تزداد إنتشاراً وإهتماماً ومتابعة ومشاركة وهي دعوة للأفراد والشركات والمؤسسات والحكومات بأن يشاركوا الإنسانية ساعتها يوم السبت 27 مارس 2010 من الساعة الثامنة والنصف مساءاً وحتى الساعة التاسعة والنصف مساءاً حسب التوقيت المحلي لكل مدينة، وحتى تكون الدعوة جادة ومنطقية فالمطلوب فقط إغلاق الأضواء والتي يمكن فقط الإستغناء عنها بشكل كبير دون ضرر مباشر أو تعطل سبل الحياة الرئيسية

عند مشاركتك سوف تشعر داخلياً بإنتمائك للإنسانية بعيداً عن القيود التي تفرضها عليك قيود وعادات وتقاليد لم يكن لك يوماً رأياً فيها

Earth Hour Event in Egypt on Facebook

القاهرة


الجيزة


الأسكندرية


الكويت

Friday, March 19, 2010

عصفور طلّ من الشباك



صورة حقيقية للطائر

حركة خفية قادتني إلى مكانه من خلف الستار حيث كان يقبع بين زجاج النافذة المغلق وشباك النافذة الموارب، بنى عُشه مُشبكاً بكل مهارة وتؤدة وذكاء يصعب على الجنس الآدمي أن يُشكّل مثله بنفس الإتقان، الأعواد المكونة للعش تكاد تكون متشابهة المقاس ومتقاربة الصلابة ومتساوية الطول، تم تشبيكها بدقة نساج ماهر يصعب أن تنفرط، تقدمت بهدوء نحوه أرقب مايحدث، ينظر إليّ نظرة شك وخوف أن يتم في لحظة تهور آدمية غبية هدم ماتعب في بناؤه وسهر الليالي في إنشاؤه في خلسة من أصحاب النافذة، أكاد ألمح في نظرته إستجداء ألا أقوم بأي تصرف همجي معهود عنده من بني البشر، وكنوع من أنواع الإستعطاف إزاح بعض ريش بطنه ليريني أنه يرقد على بيضتين هما سبب إستسلامه وعدم طيرانه وكأنه يستحلفني أن أستخدم عقلي وأستفتي قلبي

أخبرت زوجتي بإكتشافي التي يبدو أنها تعودت عليه فقالت بتبرم: يووه تاني إحنا مش هانخلص من الحكاية دي، حديث زوجتي أوضح لي أنها ليست المرة الأولى، أما الروحانيات وحديث القلب والعاطفة عندها فقد تعطل على مايبدو بسبب أعمال النظافة التي يجب أن تقوم بها بعد ثلاثة أسابيع عندما ينتهي الأمر، إستفسرت منها عن كيف ينتهي الأمر، أخبرتني أنه بعد أيام قليلة سيفقس بيض اليمام ويخرج الفرخان وتذهب الأم منذ بداية اليوم وحتى الغروب بحثا عن رزق تطعم به أفراخها، ثم يتعلمون الطيران مسافات قصيرة حتى إذا إستطاعا الطيران غابا ولن يعودا ومعهما الأم، فتضطر هي إزالة أثار السكن الموجود والتنظيف محله، أعلم مشاعرها فأنا ادرك عشقها للنظافة، فأقول لها وهل هناك هدية أكثر من أن يرزقك الله بطير حر يحط على نافذتك آمناً دون جميع نوافذ الجيران فيستقر ضيفاً عندك أيام بكامل إرادته، قالت: هو يحل ضيفاً ويرحل بحريته ويقيد حريتي، وقبل أن تبدو على وجهي علامات التعجب، سارعت وأخبرتني أنه يوم أن يحط على النافذة تصبح النافذة محرمة علينا غلقها أو فتحها، فينطلق هو حراً ونصبح نحن سجناء، تبسمت ولم أشعر بأي سجن فالنافذة دائماً شبه مغلقة وعليها ستار شبه شفاف كافي بإدخال بصيص هادي من الضوء ولا نلجأ كثيراً لتغيير وضع النافذة أو الستار ليلاً أو نهار، صيفاً أو شتاء

تمر الأيام وأنا أتابع حالة اليمامة وصغارها سواء بيضاً أو فرخاً صغيراً، وأسرح بالدقائق أمامهم بعدما ألفوا وجودي وعدم تهوري، أتسائل أين زوج هذه المسكينة؟ ولماذا فعل فعلته وتركها وحيدة مسئولة عن سكنها والبحث عن أسباب الرزق لها ولأولادها وحدها، أنتظر يوماً أن يأتي فلايجئ، لعلها أرملة وقد فقدت زوجها ببندقية طائشة أو مرض عضال، يرتفع صوتي بالتساؤل لزوجتي هل لايأتي أبداً الزوج في حالات سابقة ليتفقد أم أولاده، أجابتني زوج مين وأولاد مين؟، مافيش زوج ولا حد .. هي لوحدها بطولها، ومش دي بس كل اللي قبلها كده

كنت في بعض الأيام أفكر أن أضع بعض الحبوب لهذه المسكينه تساعدها على تربية أبنائها دون مشقة زائدة في البحث عن الرزق وتراجعت لثلاثة أسباب غير مقنعة، أولها هو الخوف أن أتدخل في طبيعة حياتها الذي وهبها الله إياها فأفسدها عليها، وثانيها فتح النافذة لوضع الحب قد يصيبها من الهلع ما يجعلها تفر من المكان برمته، وثالثها تبرم زوجتي من أن وضع الحبوب على سور النافذة سيزداد من مساحة الإتساخ وسيحتاج لمجهود أكثر في التنظيف

كنت أنتهز غياب الأم وأفتح زجاج النافذة لألقي نظرة قريبة دون حاجز على الصغار، فهما لن يستطيعا الفرار لعدم قدرتهما على الطيران، فضلاً على أن إحساس الخوف من الغريب لم يتولد بعد لديهما، أرى شبح الأم على سطح أحد المنازل القريبة يتابع بترقب مايحدث، فأغلق زجاج النافذة سريعاً لتعود وتستكمل إطعامهما، أنظر من خلف الستار ومازالت أتسائل أسئلة بلا أجوبة، هل صغارها ذكور أم إناث؟ أنظر للعش وأتسائل من علمها صنعه؟ أنظر لها وأتسائل هل هي سعيدة أن تعيسة؟ أرحل ومعي أسئلتي بلا أجوبة

أستيقظ مبكراً على ضوء يغمر الغرفة الخارجية فأسرع لأجد الشباك مفتوحاً وزوجتي في حالة نشاط تنظيفي للنافذة في موقع اليمامة، أتسائل بفزع فين اليمامة؟، تجيبني بهدوء فيه إيه ياأحمد خلاص .. طارت وماعدتش بتيجي وكمان الصغار طاروا زي القرود؟ أتسائل بهدوء طيب مايمكن هاتيجي تاني؟ سارعتني مجيبة لأ خلاص مش هاتيجي تاني لا هي ولا أولادها دي مش أول مرة .. أقول لها بشاعرية الصباح: طارت للحرية، قالتلي آه وإحنا كمان نعيش بحريتنا بعد الحبسة دي، تبسمت كيف لطائر يأمل الحرية يستطيع أن يحبس أسرة بأكملها عن فتح نافذة أسابيع متصلة .. لم ألاحظ أن ولداي كانا بنفس الهدوء تجاههما فلم يهتما كثيراً بالموقف بنفس درجة إهتمامي وإن كانا يعلمان دون تبرم أن فتح النافذة في وجود اليمامة من المحرمات

بعد عدة أيام جاءت أخرى لتخيم في نفس المكان وتبدأ في بناء عش جديد لها، أزاحتها زوجتي وعشها وهي في بداية تكوينه قبل أن يكون أمراً واقعاً ، بعد يومين وجدت اليمامة في عشها الجديد على نافذة الجيران .. وضعت بعض الحبوب خلسة علها تعاود النظر وتعود، لم تعد .. شعرت بالغيرة

-------------------------------

إستمعت لأغنية عصفور طلّ من الشباك من عايدة الأيوبي في الثمانينات وأعجبتني بدرجة متوسطة، وإستمعت إليها مؤخرا مصادفة بتوزيع جديد هادئ وبطئ نسبيا وصوت معبر لمطربة إسمها أميمة، فإستشعرت كلماتها بطريقة أكثر تأثيراً، فأكاد أجزم أنها أغنية عبقرية في كل كلمة من كلماتها، بل أكاد أجدها الأغنية الوحيدة التي تعبر عن فكرة الحرية بمعناها الإنساني الشامل، وهي من ذكرتني بحكاية اليمامة تلك التي ذكرتها عندما كنت في أحدى إجازاتي السابقة

عصفور طلّ من الشباك


إستماع

عصفور طلّ من الشباك وقلّي يا نونو
خبيني عندك...خبيني دخلك يا نونو
خبيني عندك...خبيني دخلك يا نونو
قلتلّه إنت من وين قلّي من حدود السماء
قلتلّه جاي من وين قلّي من بيت الجيران
قلتلّه خايف من مين قلّي من القفص هربان
قلتلّه ريشاتك وين قلّي فرفطها الزمان
عصفور طلّ من الشباك وقلّي يا نونو
خبيني عندك... خبيني دخلك يا نونو
* * *
نزلت على خده دمعة وجناحاته مُدكية
واتهدى بالأرض وقال بدي أمشي وما فييّ
ضميتو على قلبي وصار يتوجع على جروحاته
قبل ما يكسر الحبس إتكسر صوته وجناحاته
قلتلّه خايف من مين قلّي من القفص هربان
قلتلّه ريشاتك وين قلّي فرفطها الزمان
عصفور طلّ من الشباك وقلّي يا نونو
خبيني عندك... خبيني دخلك يا نونو
* * *
قلتلّه لا تخاف إتطلع شوف الشمس اللي رح تطلع
وإطلّع على الغابة وشاف أمواج الحرية بتلمع
شاف جوانح عم بتزقزق من خلف بواب العلّية
شاف الغابة عم بتحلق على جوانح الحرية
قلتلّه إنت من وين قلّي من حدود السما
قلتلّه جاي من وين قلّي من بيت الجيران
قلتلّه خايف من مين قلّي من القفص هربان
قلتلّه ريشاتك وين قلّي فرفطها الزمان
عصفور طلّ من الشباك وقلّي يا نونو
خبيني عندك... خبيني دخلك يا نونو
* * *

Thursday, March 18, 2010

The Hero -- Swedish Movie -- Must See



I've somthing great to reveal!

تأثير الفن نحو التغيير



نظراً لأن صوت الفيلم يعمل تلقائياً عند فتح المدونة فقد تم حذف الفيلم من التدوينة، ووضع رابط لمشاهدته بصورة أفضل وبحجم أكبر

الفيلم بصورة ذات حجم كبير --
إضغط هنا

Please make sound on from the screen, turn up the volume from your PC, and turn off your cell phone

****************************

شكراً لعبده باشا الذي أشار للموقع على تويتر قبلما أغيّر الصورة وأرفع صورة البرادعي التي وجدتها مناسبة وأكثر تعبيراً وتأثيراً

Monday, March 15, 2010

أحزاب المعارضة والأخوان .. وورقة التوت



حتى الآن لم يتحرك البرادعي بشكل واضح على الساحة السياسية، وبالرغم من ذلك تكشفت عورات المعارضة سريعاً عندنا سواء كانت أحزاب أو جماعات بشكل مخزي، لم تفاجئنا المصري اليوم بخبطتها في عدد الأمس عندما كشفت في صدر صفحتها الأولى عن سر صفقة قذرة بين حزب الوفد والحزب الوطني يحصل بمقتضاها حزب الوفد على 23 مقعد في الإنتخابات البرلمانية القادمة، مقابل عدم تقديم الوفد أى شكل من أشكال الدعم أو التعاطف مع الدكتور محمد البرادعى، والخبر الرئيسي للمصري اليوم مبني على مقالة كتبها القيادي الوفدي الديني د. عمار على حسن في مقالته بنفس العدد

ولست مقتنع بتكذيب النائب الوفدي محمد مصطفى شردي بقوله أن ذلك كلام فارغ وغاية في التفاهة، مؤكداً أنه لم يفكر بعد في الترشح مرة أخرى، فما صرح به شردي من ترهات لايصلح أن يكون رداً على موضوع خطير وتهمة عنيفة بهذا الحجم كفيلة بإسقاط ورقة التوت الأخيرة عن حزبه البالي، والجنين في بطن أمه يستطيع أن يستنتج أنك سترشح نفسك في مجلس الشعب وأنت نائب حالي في البرلمان

ولست مقتنع بتكذيب النائب الوفدي محمد مصطفى شردي، لأن الخبر من المصري اليوم ليس إستنتاجاً من أحد محرريها بقدر ماهو تأكيدا من قطب من أقطاب الحزب وهو المفكر الإسلامي الليبرالي عمار على حسن، كما أن المصري اليوم لن تجرؤ على نشر مثل ذلك الخبر في صدر صفحاتها دون التأكد من المصدر، والمراجع لكل إنفرادات المصري اليوم السابقة بالرغم من بعض الإنتقادات التي توجّه لها من المستقلين من وقت لآخر لإتجاهاتها، سوف يتأكد أنها كانت صحيحة

ولست مقتنع بتكذيب النائب الوفدي محمد مصطفى شردي بالرغم من إعلان محمود أباظة بتقدم الحزب ببلاغ للنائب العام ضد المصري اليوم هذا الصباح، لأننا لو عدنا للماضي القريب سوف نجد سبق لجريدة الدستور في 7 يناير من هذا العام يؤكد هذا الخبر على لسان النائب الوفدي المعارض الشهير عبد العليم داوود في رسالة للجريدة يؤكد فيها ما تواتر من أنباء خلال تلك الفترة حول وجود صفقة بين الحزب الوطني وحزب الوفد من أنه أمر مسلم به تماماً وصحيح مائة بالمائة مؤكدا وجود صفقة سرية قرر من خلالها الحزب الوطني منح كل من حزبي الوفد والتجمع كوتة من المقاعد في البرلمان القادم، مشيراً إلى مواقف سابقة حزب الوفد علي تأجيل الانتخابات الخاصة بالمجالس المحلية لمدة عامين من 2006 وحتي 2008، ولاينسى أن يشير إلى موافقة لجنة شئون الأحزاب برئاسة صفوت الشريف ـ أمين عام الحزب الوطني ـ على تعيين محمود أباظة أمينا للحزب مقابل تعيين أمين أباظة ـ أخو محمود أباظة ـ وزيراً للزراعة ... وهكذا تكون الردود بالدوافع والأسباب ياسيد شردي وليس بكلمات لاتسمن ولاتغني من نوعيه ذلك كلام فارغ وغاية في التفاهة .. حقيقي ردك غير المشفوع بأيه أسباب سوى أنك لم تفكر بعد في المشاركة في الإنتخابات المقبلة هو الغاية في التفاهة، رحم الله والدك مصطفى شردي المعارض القوي المحترم الشريف

ولتتساقط ورقات التوت الواحدة تلو الأخرى، هذا مانشرته جريدة الشروق منذ خمسة أيام في صدر صفحتها الأولى عن كشفها لصفقة بين الأخوان والحزب الوطني ممثلة في أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني بمقتضاها يحصل الأخوان على 25 مقعد في مجلس الشعب مقابل عدم معارضة الأخوان لمرشح الحزب الوطني للرئاسة


هكذا يتحكم الحزب الوطني في مقاعد مجلس الشعب ويوزعها كما يوزع الحلواني قطع البسبوسة ، ياسلام ده 25 والتاني 23 وهيصة وياتلحق يامتلحقش، وتبيع أحزاب المعارضة المترهلة والعفنة رسالتها وقيمها وأيدولوجيتها مقابل بعض قطع البسبوسة عفواً بعض الكراسي .. وفي النهاية تتباكون على عدم تأثيركم على رجل الشارع .. إتفوا عليكوا .. بل وتخرجون تنتقدون رجل كشف حقيقتكم فيتسائل رفعت السعيد أمين عام حزب التجمع سؤال جعلني أشك في قواي العقلية عندما يقول البرادعي ومناصروه لم يوضحوا لنا لماذا يرغبون في تعديل مواد في الدستور المصري، ويخرج محمود اباظة امين عام حزب الوفد ليصرح أن البرادعي أخطأ وعليه أن يراجع أفكاره .. والنبي تتلهوا على عينكوا


اليوم أستطيع أن أؤكد ان البرادعي كان محقاً وعنده بعد نظر كبير عندما رفض منذ البداية الإنضمام لأي حزب سياسي، بالرغم من أنه الطريق الوحيد لمشاركته في سباق الترشح الرئاسي، مفضلاً الإعتماد على الشباب وسير الطريق من بدايته الصعبة بالإصرار على تعديل الدستور

Saturday, March 13, 2010

بباوي .. مُبارك .. الفاروق عُمر




من حق نبيل لوقا بباوي أن يتأثر بسفر مبارك للعلاج في الخارج، ومن حقه أن يبلغ تأثره لأن يبكي في مجلس الشورى، وكعضو معين في مجلس الشورى من حقه أن يُطالب القيادات المسلمة والمسيحية أن ترفع أكف الدعاء لعودة الرئيس بالسلامة، ولكن ليس من حق السيد بباوي أن يعلن أن عدل مبارك يصل إلى عدل عظيم الأمة الفاروق العادل عمر بن الخطاب

لن أستطيع أن أنفي علم السيد بباوي بتاريخ الفاروق عمر، فالرجل كما يبدو من شهادات الدكتوراة العديدة التي جعلته يوماً ما في أحد ترشيحاته النيابية يصف نفسه بالدكاترة نبيل لوقا بباوي، كما أن دراساته كانت في الشؤون الإسلامية لدرجة أن مجمع البحوث الإسلامية رشحه لنيل جائزة الدولة التقديرية في العلوم الإجتماعية

لن أستطيع أن أنفي علم السيد بباوي بمناقب الفاروق العادل عمر بن الخطاب وهو صاحب مؤلفات محمد الرسول صلى الله عليه وسلم وإدعاءات المفترين، وأيضاً كتاب زوجات الرسول والحقيقة والإفتراء في سيرتهن

حلمك ياسيد بباوي .. إبكِ كما تشاء وإحزن كما تشاء وإفتقد من تشاء مثلما تشاء، ولكن عدل من يعادل عدل الفاروق عمر ؟؟

الفاروق عمر الذي قال عندما عُرض عليه توريث إبنه عبد الله بن عمر الحكم: إن كان الحكم خيراً فقد نلنا منه، وإن كان شرا فقد كفى ما كان، وفي رواية أخرى: ألا يكفي أن يُحاسب واحداً من آل الخطاب علي حقوق المسلمين

الفاروق عمر الذي قال: لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة، لماذا لم أعبد لها الطريق

الفاروق عمر أحد المبشرين بالجنة وأول من أحصى أموال عماله وقواده وولاته وطالبهم بكشف حساب أموالهم، فكان إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم

الفاروق عمر الذي نام تحت شجرة آمناً بدون حراسة حتى أتاه سفير الروم فتعجب عندما وجده نائماً فقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر

الفاروق عمر الذي حكى أنس بن مالك عنه فقال نظرت في قميص عمر رضوان الله عليه فإذا بين كفيه أربع رقاع لايشبه بعضها بعضاً، وقال قتادة أن عمر بن الخطاب تأخر على الناس في الخروج لصلاة الجمعة فقال عندما خرج: إنما حبسني غسل ثوبي هذا ولم يكن لي ثوب غيره

الفاروق عمر الذي لاقاه مرة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو مسرع فسأله: إلى أين يا أمير المؤمنين؟ فيجيب عمر: بعير من إبل الصدقة أطلبه، فقال له علي: لقد أتعبت الذين سيجيئون بعدك، فيجيبه عمر: والذي بعث محمداً بالحق لو أن عنزاَ ذهبت بشاطئ الفرات لأُخذ بها عمر يوم القيامة

الفاروق عمر أول من عسعس في الليل بنفسه ولم يفعلها حاكم قبله ولا نعلم أحد عملها بانتظام بعده، فكان يخرج ليلاً يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته

الفاروق عمر العفيف المترفع الذي جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه شيئاً

الفاروق عمر الذي كان طعامه الزيت بالخل وقال لن آكل اللحم حتى يشبع منه الفقير

الفاروق عمر الذي خرج يوماً للمنبر، وكان قد إشتكى ألمًا في بطنه فوُصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها

الفاروق عمر الذي إستدعى عمرو بن العاص حاكم مصر وولده بعد ان علم أن إبن عمرو ضرب أحد الأقباط بالسوط بعد ان فاز عليه في سباق بينهما وقال له: أتسبقني وأنا ابن الأكرمين؟، وعقد عمر بن الخطاب محكمة للطرفين تولاها بنفسه وعندما تأكد له إعتداء إبن والي مصر على الغلام القبطي، أخذ عمر بن الخطاب عصاه وأعطاها للغلام القبطي قائلا له إضرب إبن الأكرمين، فلما إنتهى من ضربه إلتفت إليه عمر وقال له: أدِرها على صلعة عمرو فإنما ضربك بسلطان أبيه، فقال القبطي: إنما ضربتُ مَن ضربني، ثم التفت عُمر إلى عمرو وقال كلمته الشهيرة: يا عمرو .. متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟

الفاروق عمر الذي خرج الى السوق يوما في إحدى جولاته التفتيشية، فرأى إبلاً سُماناً تمتاز عن بقية الأبل التي في السوق بنموها وإمتلائها فسأل: إبل من هذه؟ قالوا: هذه إبل عبد الله بن عمر فإنتفض أمير المؤمنين مأخوذاً، وقال عبد الله بن عمر؟ بخ بخ يا إبن أمير المؤمنين، وأرسل في طلبه فوراً فأقبل عبد الله حتى وقف بين يدي والده، وقال لإبنه ما هذه الابل يا عبد الله؟ فأجاب عبد الله: إنها إبل أنضاء أي هزيلة إشتريتها بمالي وبعثت بها إلى الحِمى أي المرعى أتاجر فيها وأبتغي ما يبتغي المسلمون، فعقب عمر يعنف إبنه ويبكته، ويقول الناس حين يرونها إسقوا إبل أمير المؤمنين إرعوا إبل أمير المؤمنين وهكذا تسمن إبلك ويربو ربحك يا إبن أمير المؤمنين .. ثم صاح به: يا عبد الله بن عمر، خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الإبل وإجعل الربح في بيت مال المسلمين

الفاروق عمر الذي لام إمرأة يوماً ما وهي تجهله بسبب بكاء طفلها فقالت له: يا عبد الله قد ضَايَقتَني هذه الليلة إني أُدَربُهُ على الفِطام، فيأبى، قال عُمر رضي الله عنه في دهشة : وَلِمَ ؟ قالت الأم في ضعف: لأن عمر لا يفرض إلا للفَطيم ، فإرتعدت فرائص عُمر رضي الله عنه خوفاً، وقال في صوت متعثر: وكم له؟ قالت: كذا وكذا شهراً، قال عمر رضي الله عنه: ويحك لا تعجليه، ثم إنصرف فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: يا بؤساً لعمر ! كم قتل من أولاد المسلمين؟ ثم أمر لكل مولود في الإسلام، وكتب بذلك إلى الآفاق

الفاروق عمر الذي قاله عنه المصطفى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم جاءني جبريل فقلت له: أخبرني عن فضائل عمر وماذا له عند الله؟ قال لي: يا مُحمد لو جلست معك بقدر ما لبث نوح في قومه لم أستطع أن أخبرك بفضائل عمر وما له عند الله عز وجل، الفاروق عمر الذي قال عنه المصطفى الكريم إتقوا غضب عمر فإن الله يغضب إذا غضب، الفاروق عمر الذي قال له المصطفى الكريم والذي نفسي بيده مالقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك

الفاروق عمر الذي قال عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، ومنتهى الإحسان، ومأوى الضعفاء، ومعقل الخلفاء، كان للحق حصناً، وللناس عوناً

لن تكفي السطور لتعدد مناقب وعدل الفاروق عمر، أين مبارك من عدل الفاروق؟، وماهو عدل مبارك ياسيد بباوي الذي يعادل عدل الفاروق .. ألا تستحوا يرحمك الله




سأل الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز يوماً جلسائه: أخبروني من أحمق الناس؟
قالوا: رجل باع آخرته بدنياه
فقال لهم عمر: ألا أخبركم بأحمق منه ؟
قالوا : بلى
قال: رجل باع آخرته بدنيا غيره

Saturday, March 06, 2010

مابين البطاقة الإنتخابية .. والأميّة السياسية



أليس من الملفت للنظر أن هناك إتفاق على أهمية إصدار بطاقة إنتخابية ؟ المستقلين والمعارضة والناشطين السياسيين والحزب الحاكم كله يشجع على إصدار بطاقة إنتخابية، وفي الإنتخابات الرئاسية السابقة عام 2005 والإنتخابات البرلمانية التي تلتها في نفس العام كانت هناك حمى إصدار بطاقات إنتخابية، فيكفي أن تذهب لأحد مقار الحزب الوطني وتطلب مساعدتهم في إصدار بطاقة إنتخابية، إلاّ ويتسابق أعضاء الحزب لإصدارها وأحيانا إيصالها لمنزلك، واليوم يدعو المستقلين لأهمية إصدار بطاقة إنتخابية وحملة خلّي عندك صوت كان لها من الإستجابة والإهتمام بعيداً عن أي تيارات سياسية حجم كبير، هي دعوة في النهاية لأن تمارس حقك الإنتخابي وتكون إيجابياً بعيداً عن الإتجاه السياسي الذي تنتهجه .. طيب إيه الحكاية .. ليه دُول ودُول ودُول ؟ كله بيدعو لإصدار بطاقة إنتخابية لمواطنين منهكين أعيتهم حياتهم الإجتماعية بصورة جعلتهم عازفين تماماً عن ممارسة حقهم الإنتخابي، وأصبح تسلق الجبل والعمل في الفاعل أسهل لهم من ممارسة التصويت الإنتخابي في يوم أجازة .. ليه؟

من يطالب بالتغيير من المعارضة والمستقلين والناشطين يقول أن التغيير والتقدم لن يحدث دون أن يكون لك رأي وصوت في من تنتخبه، ويؤكد المعتز بالله عبد الفتاح في مقاله الرائع أمس على الشروق على تلك الحقيقة بقوله من يعزف عن المشاركة فى الحياة السياسية، سيعاقب بأن يُحكم بمن هم دونه ومن لا يراعون مصالحه، وقد إنتبه لذلك أيضاً أنصار الدكتور البرادعي بأنه لن يكون هناك قوة للدفع به دون حدوث تأييد شعبي يترجم في صناديق الإنتخاب ، والحزب الحاكم هو الآخر يعلم أن جزء ضئيل من شرعيته قد يتحقق بأعداد مصوتين حقيقيين يتوافدون على مقرات الإنتخاب

لذلك كان للتصويت أهميته عند جميع التيارات وإن إختلفت الأسباب، وأول خطوات التصويت ان يكون عندك بطاقة إنتخابية، وعندما قامت حملة خلي عندك صوت كان الهدف هو إصدار بطاقة إنتخابية لمن ليس لديهم بطاقة الإنتخاب، وكان التساؤل وماذا بعد الحملة وقد إنتهت أقسام الشرطة من عملية قبول الطلبات، لذلك كان الهدف الأكبر هو الدعوة لممارسة حقك السياسي لا يكفي أن تكون عندك بطاقة إنتخاب، بل يجب أن تستخدمها، أحيانا تكون لدينا أشياء مهملة لا نستخدمها ولا نشعر بأهميتها، لذلك فالمرحلة التالية هي أن تستخدم حقك الإنتخابي في التصويت، لتأتي المرحلة الثالثة والأصعب والأهم وهي أساس هذه التدوينة وهي من تنتخب، قد يبدو الأمر سهلاً لمثل قارئ هذه التدوينة ولكن من ينزل لعموم الناس ويجد الأمية والجهل ليس فقط لدى الفقراء أو محدودي الدخل، ولكن عند بعض الطبقات التي أخذت قسطاً مقبولاً من التعليم، سوف يرى إضمحلال فكري كبير وعدم وضوح الرؤية بل وإهتزازها، لتصبح عنده الثوابت مُشتبهات والمعلومات المغلوطة هي جزء من عقيدته وأساسيات تفكيره، وكلما شطحت أفكاره عن الرؤية الصحيحة كلما إزداد إعتناقاً وإقتناعاً بخيارته، وهنا نحن لسنا بأوصياء على الشعب ولكن يجب بداية أن يكون الشعب واعياً مدركاً لأبعاد مشاكله وأسبابها، فهناك من يرى أن الصوت الإنتخابي في يد الجاهل أو الأمي السياسي (وهذه صفة وليست سُبة) بمثابة خنجر في قلب التطور، فإذا مارست حقك الإنتخابي لصالح من يعطيك مصلحة لحظية في بضعة جنيهات أو وجبة طعام أو علبة عصير، فذلك يقضي على فكرة الديمقراطية من أساسها وتصبح الديمقراطية لعبة محرمة تنتج نظام شمولي مترهل مقيت

في صباح أحد أيام الأسبوع الماضي وصلتني رسالة مهذبة من صديق على الفيس بوك يُقدّر مجهودنا في حملة خلّي عندك صوت، ولكنه يتأسف لأن مجهودنا لا طائل منه لأننا نسير في الطريق الخطأ، وأولى بنا أن ننتهج الطريق السليم ودعاني لقراءة رابط ذكره في رسالته المعنونة ب وجهة نظر مغايرة، ولأن هذا الموضوع أخذ حيزاً من تفكيري سابقاً، توقعت أن الطريق الذي يقصده هو أن نبدأ في الدعوة لنشر الوعي والثقافة بين الناس، حتى لايكون ممارسة الصوت الإنتخابي كارثة، إبتسمت وأنا أفتح الرابط لأني وجدته كما توقعته تماماً، وقبل تفنيد وجهة نظره أود أن أستكمل ملاحظاتي

الغريب أن أكثر من يعاني من فساد المسؤولين وسرقة قوت يومهم وحرمانهم من حقوقهم الطبيعية الصحية والتعليمية والإجتماعية والسياسية، وإهدار كرامتهم وترويعهم بالأمن وتجويعهم، هم أول من يتحمسون للتصويت لهم من أجل رشوة لحظية لايتحصلون عليها أحياناً مكتفين بنصف يوم أجازة بعد حشرهم في أوتوبيسات وتوجيههم لأماكن الإقتراع، وهم لايعرفون لماذا يقولون نعم أو لماذا يختارون زيد ولا يختارون عبيد ؟، وحتى من لديه جزء قليل من الوعي تستثمره الجماعة الدينية بالعزف على وتر الدين، وأن هذا ملتزم بالدين فليكن صوتنا له، ونتيجة للأمية السياسية فالدين يكون له أسبقية على أساس من يعفي لحيته أفضل من ذلك الذي لم يحلق شاربه

في برنامج واحد من الناس سأل عمرو الليثي أحد الصيادين الفقراء المعدومين الذي يعاني من نقص العيش ولا تزيد معلوماته عن إسم رئيس الجمهورية وكما يقول فتحي حماد فهو لا يعرف من هو وزير الداخلية رغم أنه كما ذكر- يعاني الأمرين من الشرطة التي تحاربه في رزقه بمنعه من الصيد في مرات عدة ، حسب ما ذكر..وهو لا يعرف وزير المالية رغم أنه يتجرع الضيم من ضرائبه واتاواته التي فرضها على النفس الداخل والخارج في جوف البسطاء..وهو لا يعرف وزير الصحة رغم أنه يعاني من أمراض كثيرة يعيش معها ويحاول أن يتعايش بآلامها..وهو لا يعرف وزير التضامن الاجتماعي رغم أنه أحوج الناس إلى (الربع جنيه ) ليذهب إلى سيادة الرئيس ، الأهم وهذا هو المعني من المثال عندما سأله الاعلامي عمرو اليثي: هل ستنتخب جمال مبارك إذا ترشح للرئاسة .. فبالرغم أنه لا يعرفه إلا أنه أجاب ببساطة ممزوجة بالخوف: أيوه إذا طلبونا إحنا مش هنتأخر عن الريس ولا أولاده
ومثال ذلك ملايين .. الأمر الذي دفع برئيس الوزراء أحمد نظيف أن يصرح يوما ما بأن الشعب المصري غير ناضج وليس مؤهلاً لممارسة الديمقراطية، وهي تعتبر سُبة في جبينه قبل أن تكون في جبين الشعب، ومن هنا كان فكرة صديقي على الفيس بوك بشكل غير مباشر تنبع من نفس الإناء -- الأمية السياسية

وأنا ردي على كليهما واحد بأنه الإثنين من الأهمية بأن يعملان بشكل متوازي ولايجب أن يرتبط أحدهما بالأخر، فلا يصح أن تكون ممارسة الحق الإنتخابي بالتصويت تسبق عملية نشر الوعي، ولا يجب أن ينتشر الوعي قبل ممارسة الحق الإنتخابي بالتصويت، فالممارسة هي أفضل وسيلة للتعلم والإدراك، ومافائدة نشر الوعي دون أن تكون له آليات ممارسته، ومافائدة ممارسة الحق الإنتخابي في غياب الوعي، كليهما يجب أن يعملا معاً فنحن في حملة خلّي عندك صوت لم نخطأ مثلما لم يخطأ صديقي، وسوف أذكر مثالاً بسيطاً مثلما ذكرت مثال الصياد لنرى الجانب المملوء من الكوب، كلنا يتذكر بشكل أو بآخر مجموعة من الصور تم إلتقاطها في يوم 1 ديسمبر 2005 ونشرتها وكالات الأنباء العالمية في الجولة الثالثة من الإنتخابات البرلمانية، عندما منع الأمن جميع المصوّتين في قرية سُباط جنوب المنصورة من دخول قاعات التصويت، بعمل كردون حول إحدى المدارس التي بها لجان التصويت لتقليل جميع فرص فوز الإخوان، بعدما تبين أن جميع المصوّتين سيذهب صوتهم لمرشح الأخوان بدلاً من عضو الوطني الفاشل، وذلك بعد إجتياح الإخوان المرحلة الأولى وفوز أكثر من ثمانين عضو، ماذا فعل البسطاء من الشعب؟ لقد تحايلوا بكل ماأوتوا من قوة ودهاء في التسلل لمقار الإنتخاب من خلال تسلق السلالم الخشبية البدائية خلف المبنى والقفز من نوافذ دورات المياة للوصول لصندوق الإنتخاب، مشهد يشيب له الولدان في دولة تدعي الديمقراطية، وتمنع أبسط حقوق المواطن في ممارسة حقه الإنتخابي بعدما تبين لها أن صوت الناخبين ليس في صالحهم ولن يمر مرور الكرام في وجود قاضي سوف يعلن النتيجة دون أي مواربة


السؤال هنا هل هؤلاء فعلا سلبيين متقاعسين؟، هل هؤلاء غير ناضجين بوعيهم الإنتخابي بغض النظر عن تيارهم السياسي؟، ألم تستطع الجماعة الدينية أن تؤثر فيهم وتلهب حماسهم لدرجة تعرضهم للمخاطر من أجل أن يكونوا إيجابيين في إختيار من يقتنعون بهم؟ .. لذلك لايمكن أن نراهن على أن كل الشعب فاقد الوعي والأهلية، بل يجب توعيته بأهمية مشاركته كما يجب أن يكون لديه وسيلة ممارسة هذا الدور بإصداره بطاقة إنتخابية

قبل النهاية دعونا نتكلم قليلا عن التعليم والثقافة والوعي، لايوجد متخصص في علم الإجتماع ولاسياسي محنك ولا باحث مُراقِب ولا عالم ناجح ولا كاتب مثقف، وتسأله عن أهم وسيلة لعلاج ماتعاني منه مصر من تدهور وتخلف وركود، إلا وقال لك واحدة من ثلاثة كلهم من نفس الوعاء ..التعليم، العلم، الوعي، الثقافة.. قالها زويل وسمعتها من البرادعي وشاهدت أنيس منصور يشير إليها والسيد يسن مازال يؤكد عليها .. ولكن وآه من لكن ..نظرة بسيطة على حال التعليم تجده سببا في الأزمة بدلاً من أن يكون حلها، المشكلة التعليمية تنبع أساساً إدارتها التي تتبع أساليب أكل منها الدهر وشرب بعيداً عن أي تقنيات حديثة، وتنبع من أشخاص يمارسون العملية التعليمية للأسف غير مؤهلين لممارستها ووعيهم توقف كثيراً عند بديهيات لم يستوعبوها فأصبحوا واحة ظلامية بدلا من جهة تنويرية ، أتذكر ماكتبته هنا سابقا عن
فيلم رمضان مبروك أبو العلمين حمودة، وأسوق مثال لهذه النوعية من الإختبارات التي تنعدم فيها رؤية من يقود العملية التعليمية مثل من وضع هذا الإختبار


ونتيجة لذلك كان هذا هو الحال في الإنتخابات بوجه مكشوف دون حياء أو ذرة من الخجل


لذلك ورداً على صديقي أسامة قايد من بعث لي برسالته على الفيس بوك أقول له يجب أن تعمل الفكرتين سوياً ومعاً لو أردنا التغيير، الوعي والبطاقة الإنتخابية