وماجرحٌ في رضاك .. ألمٌ
جلس الشاعر أمام الوالي طامعاً في رضائه فألقى فيه قصيدة مدح أمعن في إنتقاء ألفاظها ، لم تنل القصيدة إستحسان الوالي فقذف الشاعر بالحبّارة فشجّت رأسه وسال الدم منها ساخناً، فما كان من الشاعر إلا أن قال وما جرحٌ في رضاك ألمٌ
المتابع لسيرة السياسي مصطفى الفقي عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية لن يجد فيها إلا سلسلة من الإخفاقات والمواقف الخاسرة، لم يلمع إسم مصطفى الفقي سفير مصر السابق في فيينا إلا عام 1985 عندما عُين رئيساً لمكتب الرئيس مبارك للمعلومات ولمدة سبعة سنوات حتى لفظته الرئاسة عام 1992 عندما تورط إسمه في قضية لوسي آرتين الشهيرة التي راح ضحيتها قيادت أخرى مثل المشير أبوغزالة وزير الدفاع وفادي الحبشي
وبالرغم من قسوة القضية والإقالة إلا أن مصطفى الفقي كان يحظى بتقدير وإحترام الجميع حكومة كان أومعارضة بأرائه السياسية والتحليلية النقدية التي تنم عن علم سياسي واسع، حتى كانت زلته الكبرى في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2005 عندما كان مرشحاً عن دائرة دمنهور أمام مرشح الأخوان المحترم جمال حشمت، كشفت المستشارة نهى الزيني ليلة فرز الأصوات في مفاجئة وسابقة خطيرة على صفحات المصري اليوم تفاصيل التزوير الذي تم في دائرة المرشح ليستبعد المرشح جمال حشمت الفائز بأغلبية ساحقة وليتم تعديل النتيجة بفوز مصطفى الفقي، في ذلك الوقت أيد نادي القضاة و137 مستشاراً شهادة المستشارة نهى الزيني بتزوير النتيجة، وبعد تلك الفضيحة وللإحترام الذي يكنه الجميع لشخص مصطفى الفقي توقع الجميع أن يرفض الفقي نتيجة الإنتخابات بعد هذا اللغط والأدلة التي تشوب فوزه، ولكن بريق السلطة والكرسي جعله يضحي بكل القيم الذي كان يمارسها في كتاباته ومقالاته رافضاً التنازل عن مقعد مجلس الشعب
وقتها سقط مصطفى الفقي من حسابات الجميع وأولهم زملائه أعضاء حزبه، ولم يعد أحد يقيم لمصطفى الفقي وزناً ولاقيمة، وتمر الأيام ولأننا شعب معروف بالتسامح والزمن كفيل بتناسي السقطات، عاد الرجل تدريجيا للأضواء وحاول البعض التجاوب مرة أخرى على إستحياء مع كتاباته وأحاديثه، وفي فورة جديدة لنشاط الرجل قامت المصري اليوم بنشر حديث معه صرح فيه أن الرئيس القادم لمصر يحتاج إلى موافقة أمريكا وعدم اعتراض إسرائيل، وكاد الحديث يمر مرور الكرام إلا أن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل لم يمر عليه مرور الكرام وأرسل للمصري اليوم معلقا على هذا الرأي، فقامت الدنيا ولم تقعد هذه المرة من زملاءه في حزبه على هذا التردي الكبير في تصريحاته
وقتها فقد الرجل دبلوماسيته وصمته وهدوءه المعهود ازاء الحملة الضارية التي وجهت ضده من النظام في تصريحاته لقناة المحور في يناير الماضي قائلاً أنه سيعتزل السياسة نهائياً لأن الحزب الوطني الذي ينتمي اليه "يشرشح له" بسبب خطأ غير مقصود إستغله الكاتب الكبيرهيكل في الوقيعة بينه وبين النظام، ثم هدد متوعداً بعدما تناول حبوب الشجاعة أنا عندي 60 سنة ومش عايز حاجة ولا طمعان في منصب ووطنيتي معروفة للجميع ولن اقبل المزايدة من أحد وإلا فضحت الجميع
ولأن حبوب الشجاعة تظهر قوة ليست في صاحبها عاد مصطفى الفقي يجر أذيال الخيبة وتوقف تماماً عن الحديث مرة أخرى بعدما إستنتج بحساباته أن يسير في المسار الخطأ ، فإلتزم الصمت من بعدها حتى توقع أن الفرج قد جاءه سريعاً من أوسع أبوابه عندما تردد إسم البرادعي وبقوة في الفترة الأخيرة كمرشح مرغوب في الإنتخابات الرئاسية القادمة على غير هوى النظام، ولأن الفقي حساباته خاطئة تماماً فقد توقع أن القدر منحه فرصة جديدة يتملق فيها النظام عسى أن يغفر له زلاته السابقة ويرضى عنه، فخرج مصرحاً بتصريحات يرى أنها تعجب النظام وهو يعلم أنها لن تعجب الشعب ولاضميره ولكنها السياسة القذرة، صرح الفقي في ندوة مشتركة لناديي "ليونز إيزيس" و"ليبرتي" بأن البرادعي لا يصلح لرئاسة مصر واللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش، وبعيدا عن المستوى الهابط في الحديث إلا أن الرجل يراهن هذه المرة على ذاكرة الناس القريبة معتقداً أن الناس لا تقرأ وإذا قرأت فهي تنسى سريعاً
عفوا ياسيدي الفقي فأنت يبدو أن سقطاتك المتكررة والسريعة تفقدك تركيزك فتحاول أن تخرج من أحداها لتكتشف أنك وقعت في سقطة أخرى، هذا البرادعي يافقي والذي تصرح بأنه لايصلح للرئاسة وأن اللي نعرفه احسن من اللي مانعرفوش يتناقض كلياً مع ماقلته في الماضي القريب عن البرادعي عندما كان البرادعي في أوج نجاحاته الدولية وتتفاخر به السلطة في مصر، فيبدو أنك نسيت او تناسيت ماكتبته عنه في المصري اليوم منذ أكثر من عامين في نوفمبر عام 2007 في مقالتك التي كانت وللصدفة تحمل إسم محمد البرادعي وتشمل شعراً وغزلاً في البرادعي عندما قلت بالنص
محمد البرادعي في نظري هو نموذج فريد للإنسان الموضوعي الملتزم الذي تشرف به الوظيفة الدولية التي يشغلها، فهو إنسان صلب متجرد من التأثيرات الجانبية ويتمتع بدرجة عالية من شجاعة الرأي والصدق مع النفس والبعد عن الهوي، ولا غرو فهو ابن لشخصية وطنية مرموقة، فوالده- رحمه الله- نقيب سابق للمحامين معروف بمواقفه الجريئة ومبادئه الثابتة التي التزم بها في كل الظروف
ولقد ورث الابن عن أبيه الخلق الرفيع والعلم الغزير والتواضع الذي لا يخلو من مسحة حياء ونزعة كبرياء
أن ذلك المصري العظيم يحظي باحترام شديد لدي الدوائر المختلفة في الوكالة ووفود الدول فيها، كما أنني لاحظت أيضا أن الدكتور «هانز بليكس» المدير العام للوكالة حينذاك- وهو وزير سابق للخارجية في «السويد» وقد أمضي قرابة ستة عشر عاما كمدير للوكالة- يتعامل مع الدكتور «البرادعي» في ندية واحترام شديدين
كان «ابن النيل» محط أنظار العالم كله وهو يتقدم نحو أكثر المناصب الدولية حساسية في العصر الحديث وهو منصب ظل يشغله علي امتداد السنوات العشر الماضية، وقد استطاع الدكتور «البرادعي» بحكمته وحصافته أن يرفع الحرج عن نفسه بحكم انتمائه للحضارة العربية الإسلامية التي ينظر إليها الغرب بكثير من الشك والحذر،
وكثيرا ما تنقل الدكتور «البرادعي» بين العواصم النووية الساخنة شرقا وغربا بدءا من «بيونج يانج» وصولا إلي «القدس» مرورا «بطهران» وغيرها من مناطق التوتر النووي والنشاط الذري، ولست أنسي أبدا عندما زارني في مكتبي بالسفارة بعد انتخابه مديرا عاما للوكالة الدولية الذرية بأيام قليلة لكي يسلم لي جواز سفره الدبلوماسي المصري بعد أن أعطته «الوكالة» جواز سفر دولياً هو الأقوي من نوعه، ونحن لا ننسي موقفه قبل غزو العراق وبعده ولا نتجاهل شهادته العادلة تجاه البرنامج النووي الإيراني ولا ننسي لقاءه المهم مع «شارون» في العاصمة الإسرائيلية، وأتذكر أيضا كيف عرضت عليه بعد ذلك أرفع المناصب في بلاده فاعتذر شاكرا وآثر أن يواصل مهمته الصعبة في ظل الظروف الدولية الراهنة، إنه صديقي الذي أعتز به وبأسرته وأسعد بلقائه في كل زمان ومكان
يارجل أين حمرة الخجل !؟ هذا بعض مما قلته منذ عامين، واليوم تشن هجوماً ساذجاً على الرجل طمعاً في رضاء مبارك ونجله، ياسيدي لقد بارت بضاعتك وفسدت ولم يعد يقبل عليها أحد وفاحت رائحتها الكريهة ومقتها الشعب وإنصرف عنها، أما آن لك أن تجمعها في صمت وترحل وكفاك ذلا وهواناً، ولاتتعامل بطريقة شاعر الوالي "وماجرحٌ في رضاك ألمٌ" لأن الوالي وقتها إزداد إحتقاره للشاعر مثلما نحن إحتقرناه
مقال اكثر من رائع
ReplyDeleteاحييك
اللى تغلب به العب به ، حمره خجل ايه بس
ReplyDeleteمصطفى الفقى فى كل مناسبة يثبت انه عبده مشتاق...مشتاق جدا
ReplyDeleteلا افهم نفسية كلاب السلطة خاصة من تخطى الستين منهم..فهل يظن احدهم انه سيعيش اكثر من ما عاش؟
هل شاهد احدهم كيف بكى الناس على الصحفى المحترم مجدى مهنا و هل قارنوا ذلك بكيفية موت الكلاب فى بلدنا ليعرفوا الفرق؟
عظيم جدا المقال يااحمد ..تسلم ايدك
ReplyDeleteأشاركك نفس السؤال الذي طرحته في نهاية التدوينة .. نعم أين حمرة الخجل؟ ولماذا هذا الغباء السياسي؟ فإذا إختار أحدهم أن يكون منافقا للنظام أو مقتنصا لما نسميه بالصيد في المياه العكرة .. فليكن ذلك بذكاء وعلى إستحياء لكن لا يكن مفضوحا ممسوخا هكذا
ReplyDeleteأمر عجيب
السلام عليكم
ReplyDeleteهذه ليست تدوينة ولكن مرجعية موثقة متكاملة وكأنها تحقيق صحفي عالي المستوى بالفعل الناس تنسى ولكن أمثال مصطفى الفقي لن ينساهم الباحثون عن الحق والعدل
فهم السبب في كرة الظلم والرغبة في تغيير الأوضاع
والله المستعان
تقديري الشديد لهذا التحقيق والتحليل الرائع
فعلا يا استاذ احمد
ReplyDeleteخجل وجهل وقلة قيمة
مجهود جبار في التدوينة اشهد لحضرتك بيه الصراحه
شكرا عالتدوينة دي
تحية لهذا الرصد المتميز
ReplyDeleteههههه
ReplyDeleteحمرة الخجل اختفت، لن تراها على وجه امثاله و لو حدقت النظر الى وجهه حتى بانت زرقة الموت
صدق عليه الصلاة و السلام
اذا لم تستح فاصنع ماشئت
لا ملامه عليه تربيه الحزب الوطنى
ReplyDeleteواللى مع سقطاته دى كلها يشدوا ودانه بس وميقطعوهاش
زيه زى روساء التحرير الكرام بتوع الجرايد القوميه
اللى كلهم اتقلهم البرادعى يبقى كله بيستك عليه
يبقى حمره الخجل دى حيجبوها منين
ما اللى اختشوا ماتوا الله يرحمهم من زمااان
لو ان مصطفى الفقي انحاز للحق ورفض الفوز المزور وقالها صريحة في وجه الحكومة ...لرفعه الناس على الاعناق ولنادوا به رئيسا كما ينادون بالبرادعي رئيسا الآن
ReplyDeleteمقال اكتر من رائع وتحليل رائع تحياتي
ReplyDeleteكلام في الصميم بجد
ReplyDeleteوتفنيد لحقيقة الرجل بشكل موضوعي ، وللاسف ناس كتير من "الحاشية" بتكون على هذه الشاكلة
ولنعد للأساس ألم يكن النظام بقادر على ابعاده طالما اثبت نفاقه الا اذا كان نظامنا يرفع ويبقي على المنافقين امثاله
حمرة الخجل اختفت من جميع المتواجدين بالسلطة وللاسف تناسوا امر الخجل تماما
ربنا يهديهم
بس بجد موضوع جميل جدا وفيه مجهود واضح
تحيه لفكرك المميز
:)
كنت قد قررت منذ فترة أن أنشئ صفحة في ويكيبديا لمعالجة شخصية تتلون كالحرباء اسمها "مصطفى الفقي"، لكني استخسرتها فيه" لأنه حقاً لا يرقى.
ReplyDeleteأشكرك على موضوعيتك وتحليلك المنطقي، فضلاً عن الأسلوب الراقي.
كمال المصري، ماجستير في فلسفة الدين
أنا فاكر البوست ده كويس بس مش فاكر ما علقتش عليه وقتها ليه
ReplyDeleteأنا من دمنهور
و الناس عندنا أغلبيتها كانت بتحب بل بتعشق الدكتور حشمت و 35 ألف صوت راحوا له
بينما الفقي حصل على المركز الثالث في الفئات بـ 6 آلاف صوت فقط
بعد تاجر للمواشي حصل على المركز الثاني بـ 10 آلاف صوت
الفقي طوال 5 سنين فاتوا لم يزر دمنهور سوى مرتين و لم يقم بأي خدمة لأهالي الدائرة لأنه يعرف أنه تم فرضه عليهم و هم له كارهون
الفقي يعرف أنه لو نزل بدون حراسة في الشارع حيتهزأ تهزيق شديد و يمكن يتبهدل كمان
هو مثال للمنافق الذي يحاول التنكر في شكل مثقف
أنا فاكر البوست ده كويس بس مش فاكر ما علقتش عليه وقتها ليه
ReplyDeleteأنا من دمنهور
و الناس عندنا أغلبيتها كانت بتحب بل بتعشق الدكتور حشمت و 35 ألف صوت راحوا له
بينما الفقي حصل على المركز الثالث في الفئات بـ 6 آلاف صوت فقط
بعد تاجر للمواشي حصل على المركز الثاني بـ 10 آلاف صوت
الفقي طوال 5 سنين فاتوا لم يزر دمنهور سوى مرتين و لم يقم بأي خدمة لأهالي الدائرة لأنه يعرف أنه تم فرضه عليهم و هم له كارهون
الفقي يعرف أنه لو نزل بدون حراسة في الشارع حيتهزأ تهزيق شديد و يمكن يتبهدل كمان
هو مثال للمنافق الذي يحاول التنكر في شكل مثقف