Friday, May 28, 2010

أسامة أنور عكاشة .. ورحيل مبدع آخر




لا أفضل أن أكتب عن أشخاص عقب وفاتهم إلا نادراً، حيث تكون هناك أقلام كثيرة تكتب كلاماً متشابها وكأنه تؤدي واجباً وترحل، ولكن عندما أتأثر بشدة من خبر الوفاة أجدني لاأستطيع أن أؤجل الكتابة التي غالباً لاتأتي مرة أخرى، تأثرت بشد عقب سماعي بعد ظهر اليوم بخبر وفاة الكاتب الروائي أسامة أنور عكاشة، بالرغم من أن خبر مرضه الأخير ودخوله المستشفى قد مهد لذلك حيث علم به الجميع عقب خبر علاجه على نفقة الدولة، وقد أعتب كثيراً على ذيوع خبر العلاج على نفقة الدولة لما فيه إيلام وإيذاء نفسي لشخص المريض وكأن الإعلان فيه نوع من المنّ والإحسان فيما هو حق له، قرار العلاج على نفقة الدولة سواء لشخص عادي أو شخصية مجتمع شهيرة يجب أن يظل بعيداً عن التداول الخبري، ويبقى فقط في حيز الجهات الرقابية التي تتابع أحقية القرار، ولايخرج إلا في حالات الفساد وسوء الإستغلال

تأثري بالكاتب الراحل لأني تابعت رحلة صعوده المتأخرة للقمة كمشاهد عادي يكتشف هامة فنية إبداعية دون ضجة أو ضجيج، أتذكر أن بدايته الحقيقية كانت متأخرة في عام 82 عندما عرض له مسلسل الشهد والدموع للمرة الأولى .. عرض كمسلسل عادي دون أي دعاية أو بروباجندا .. شاهدته وبعد قليل من بداية الحلقة شعرت أنني أمام عمل فني مختلف .. سرعة الأحداث والربط بين اللقطات وعدم المط والتطويل الذي تشتهر به المسلسلات كان العلامة المميزة للمسلسل لدرجة أن الحلقة الواحدة بأحداثها تكفي لعمل مسلسل كامل، أجهدنا المخرج إسماعيل عبد الحافظ وقتها بسرعة حركة الكاميرا ولكنها كانت طريقة جديدة في الإخراج جعلت المسلسل له مذاق خاص، ثم جاءت تحفة أسامة انور عكاشة ليالي الحلمية والتي تعد من أهم المسلسلات التلفزيونية على مدار التاريخ حيث أحدثت ثورة في الكتابة التلفزيونية بل وأنشأت فناً جديداً مستقلاً إسمه الدراما التلفزيونية عرفنا من خلاله أننا لم نكن من قبل نشاهد فناً، كانت ليالي الحلمية هي نموذج لدراما الرأي والموقف باعثة للتأمل والتحليل، كانت دراما الإنسان النابعة من الشخصيات الحية والواقعية فكنا نشاهد أنفسنا وغيرنا داخل العمل دون إفراط ولاتزييف

على مدار سنوات وخلال 150 حلقة من ليالي الحلمية كنت أكتشف في كل مرة أعيد مشاهدة حلقاتها إبداعاً لم أنتبه له سابقاً، طريقة رسم الشخصيات وتطورها وتغيرها وتحولها بطريقة سلسلة بل وتغير ثوابتها وإتجهاتها، جعلتني أسرح كثيراً في سر هذا العبقري الذي إستطاع أن يرصد ذلك ويتمكن من أدواته بهذا الشكل

منذ ست سنوات وبالتحديد في أكتوبر 2004 تصدر أسامة أنور عكاشة أحاديث الرأي العام والجدل اليومي بشكل مرتفع عقب تصريحات له في إحدى الحوارات الصحفيه أساء فيها لسيدنا عمرو بن العاص، وتقدمت بلاغات بالسب وإحتقار الطوائف كما قدمت فيه دعوى حسبة تطلب بالتفريق بينه وبين زوجته لخروجه من الملة في حين ان تصريحاته أسيئ فهمها على خلفية إنفعالات نابعة من الغيرة الدينية وخصوصاً أنها تزامنت مع شهر رمضان الذي تزداد فيها المشاعر الروحية والدينية، فلم يتبين أحد أن أسامة كان يقول وجهة نظره ورأيه عن الجانب السياسي في شخصية الصحابي عمرو بن العاص وليس الديني، وإنتهت بعد فترة كما يحدث دائماً زوبعة التصريحات ليبقى أسامة أنور عكاشة حاضراً بأعماله التلفزيونية الخالدة، التي لن يستطيع أحد وفي ظل كل تلك الأمكانيات الفنية والتكنولوجية والمادية المتاحة أن يقترب منها

أسامة أنور عكاشة مبدع آخر يرحل في صمت .. ندعو الله أن يرقد في سلام

Wednesday, May 19, 2010

أهم عشرة صور فوتوغرافية على مدار التاريخ


ملايين الصور تلتقط كل يوم وبالتقريب هناك ثلاثمائة مليون صورة فوتوغرافية تلتقط يومياً، ولكن هناك صور معينة أحدثت تأثيراً ضخماً فإستحقت ان تكون أفضل الصور على الإطلاق، العنصر الجمالي والفني للصورة ليس هو الوحيد بل وليس هو الأساس، ولكن الحكايات التي كانت وراء الصورة والتأثير الخاص بها كانت سبباً في جعلها أفضل صور في التاريخ، مواقع متعددة رصدت تلك الصور وتباينت بعضها في الترتيب ولكن كانت هناك صور مشتركة لم يكن عليها خلاف، الآتي هو أهم عشرة صور في التاريخ من وجهة نظري الشخصية بعد متابعة مطولة في رحلة مع الصورة وماوراء الصورة

المركز العاشر


لعلها من أكثر الصور مشاهدة على الإطلاق وهي الصورة الرئيسية لسطح المكتب لبرنامج التشغيل ويندوز إكس بي، الصورة تحمل إسم النعيم، وإلتقطت في مقاطعة ناب بولاية كاليفورنيا عام 1996، إلتقط الصورة المصور المحترف
أوسكار أورير لصالح إحدى شركات التصميم الإلكتروني إسمها هاي تيرن، الصورة كانت موحية لشركة مايكروسوفت للقيام بحملة إعلانية كلفتها 200 مليون دولار .. بعد عشرة سنوات من وقت إلتقاط الصورة وبالتحديد في عام 2006 قام المصور سيمون جولد بزيارة لنفس الموقع وقام بتصوير الصورة بنفس الزوايا وكانت هذه هي الصورة الجديدة


المركز التاسع


واحدة من أيقونات صور الحروب على الإطلاق إسمها سقوط الجندي إلتقطها المصور المجري
روبرت كابا، أثناء الحرب الأهلية الأسبانية في 5 سبتمبر 1936 ، وفيها لحظة سقوط جندي أسباني قتيلاً وقد إكتسب هذا الجندي فيدريكو جارسيا شهرة واسعة نابعاً من شهرة الصورة، نشرت الصورة للمرة الأولى في 23 سبتمبر من نفس العام في في مجلة فرنسية، ثم أعادت نشرها مجلة لايف الأمريكية ومنها زادت شهرتها العالمية بجنون، وقد شاهدت منذ فترة فيلماً وثائقياً مخصصاً فقط للحديث عن تلك الصورة، أثيرت شكوك على الصورة منذ عام 1975، وفي صيف العام الماضي قرأت عدة موضوعات تحريرية تشكك في مصداقية الصورة نشرتها كبريات الصحف والمجلات العالمية بناء على دراسة أسبانية، وتحاول أن تثبت بالبراهين أن الصورة تمثيلية مفتعلة وليست حقيقة نشرتها في ذلك الوقت مثل مطبوعات مثل الديلي ميل الذي أثبتت بالصور بعض الأدلة على إتهامتها و الجارديان والتيليجراف ومجلة التايم، وحتى الآن مازالت الصورة مثيرة للجدل


المركز الثامن


عندما نقول أن الصورة تغني عن ألف كلمة، فإن تلك الصورة هي خير مثال على تلك المقولة، فقد تكتب كثيراً عن التفرقة العنصرية ولكن هذه الصورة بكل بساطتها تلخص فكرة التمييز العنصري بين الرجل الأسود والرجل الأبيض، الصورة تظهر رجل أسود يشرب مياة مباشرة من صنبور المياة المخصص للملونين، بينما على الطرف الآخر صنبور للمياة متصل بمبرد كهربي مخصص للجنس الأبيض، ويبدو إلتزام الرجل الأسود في الشرب من المكان المخصص له بينما لايوجد الرجل الأبيض من الأساس، الصورة إلتقطها المصور الفرنسي
إليوت إرويت عام 1950 في ولاية كارولينا الشمالية، وقد كانت تميل صوره بشكل كبير للناحية الفنية وهذه مجموعة من أفضل صوره

المركز السابع


وقت الغذاء على قمة ناطحة السحاب .. صورة شهيرة جدا لاتتعلق بقضية سياسية إلتقطها المصور الأميركي
تشارلز كلايد إيبت في 29 سبتمبر عام 1932 أثناء تشييد وبناء ناطحة سحاب أر سي إيه بمركز روكفلر، في الصورة يظهر عدد 11 عامل في فترة الراحة يتناولون طعام الغذاء وهم جالسون على عامود حديدي طائر في الهواء متدلية أرجلهم بينما تظهر من أسفلهم مدينة نيويورك، لم يتم تحديد الإرتفاع الذي كان يجلس عليه العمال بدقة، ولكنها قدرت بمئات الأقدام وإلتقطت من الطابق التاسع والستون، كان النشر الأول للصورة يوم 2 أكتوبر في جريدة نيويورك هيرالد تريبون، الصورة تملكها مجموعة بيتمان ولم يتم التعرف على صاحبها إلا مؤخراً في عام 2003 وذلك بعد أشهر من التحقيقات التي قام بها مكتب تحقيقات خاص، الصورة لها شعبية كبيرة وتم طبعها كثيراً كصورة فنية وأتذكر أنني منذ عدة أشهر كنت في أحد متجر إيكيا الشهيرة للأثاث والمفروشات المنزلية وقد وجدت صور كثيرة منها بمقاسات مختلفة تستخدم كصور حائط منزلية


المركز السادس



قد تكون تلك هي الصورة الوحيدة التي يعرفها كل من يقرأ هذه التدوينة، الصورة الأيقونية للزعيم التحرري والثائر الماركسي الأرجنتيني تشي جيفارا، الإسم الرسمي للصورة الشهيرة بطل حرب العصابات، الصورة وتعد الأشهر لتشي جيفارا، وقد أعيد إنتاجها وتوزيعها وتحريرها بطرق كثيرة مختلفة، فظهرت تي شيرتات وساعات وعروض أزياء وإكسسوارات ومطاعم كلها خاصة بتشي جيفارا وبالتحديد تلك الصورة الشهيرة، أتذكر منذ بضع سنوات ظهر مقهى بحي الدقي وبالتحديد في تقاطع ش إيران مع شارع محي الدين أبو العز يحمل إسم جيفارا بالطبع كان الثيم الرئيسي اللون الأحمر وتلك الصورة الشهيرة لجيفارا بطريقة السلويت، لا أدري إذا كان المقهي مازال متواجدا أم لا ؟، تعرف بعض الناس على تلك الصورة لجيفارا من فيلم الإرهابي لعادل إمام حيث كانت معلقة على الحائط ولفتت نظره فسأل عنها، تأثير الهوى والإعجاب بتشي جيفارا تعدى مراحل كثيرة وغالباً كان معظمه نابعاً من تلك الصورة بالتحديد، هذه الصورة موجودة على العملة الكوبية البيسو فئة الثلاثة، الصورة إلتقطها المصور الكوبي
ألبرتو كوردا في 5 مارس عام 1960 عند النصب التذكاري لضحايا إنفجار لاكوربا في العاصمة الكوبية هافانا، وكان عمر جيفارا يومها 31 سنة، يقول ألبرتو أنه في اللحظة التي أخذ فيها الصورة جذبته نظرة جيفارا التي تحتوي على الألم والغضب والحزم، كلية الفنون بميرلاند إختارت الصورة الأيقونة التي تمثل القرن العشرين كله وأشهر صورة على مدار التاريخ ، مالا يعرفه الكثيرون أن تلك الصورة الشهيرة لجيفارا هي ليست الصورة كاملة ولكنها جزء من الصورة الأصلية تم إقتطاعها، لذلك وضعت الصورة الأصلية كاملة والصورة الشهيرة بعد إختصارها

المركز الخامس


لاشك أن تلك الصورة الشهيرة تستحق هذا المركز وهي المشهورة بإسم
سحابة المشروم، الصورة للدخان النابع من سقوط القنبلة النووية الثانية على مدينة نجازاكي الساحلية اليابانية والذي ظهر على شكل نبات المشروم، أسقطت القنبلة بواسطة طائرة أميركية في 9 أغسطس عام 1945 الساعة الحادية عشر وثانيتين صباحاً على المنطقة الصناعية بنجازاكي، بلغ إرتفاع الدخان المنبعث من القنبلة في السماء إرتفاع 60 ألف قدم في أي مايزيد عن 18 كيلومتر، الصورة إلتقطت من طائرة حربية طراز بي-29 سوبرفوترس، أصبحت تلك الصورة هي الأشهر ليس فقط في صور الحرب العالمية الثانية بل وفي عالم السلاح النووي على الإطلاق، الصورة تملكها وزارة الدفاع الأميركية


المركز الرابع


الفتاة الأفغانية .. هذا هو إسم الصورة .. كثير من المواقع يصنفها في المركز الأول لأفضل الصور على الإطلاق، الصورة فنية جمالية لها سحر غريب وقوة خفية تنتابك عندما تطيل النظر إليها، الصورة أرى أنها تعادل فنياً لوحة ليوناردو دافنشي الشهيرة الجيوكاندا أو الموناليزا، نفس الأسباب التي جعلت الموناليزا أشهر وأهم لوحة في العالم على مدار التاريخ، هي تقريبا نفس الاسباب التي جعلت تلك الصورة من الصور التي أصبح لها سحر خاص وأهمية عالمية، الصورة لفتاة أفغانية من الباشتون كان عمرها التقديري وقت إلتقاط الصورة 12 عاماً، الفتاة الأفغانية أجبرت على ترك وطنها في أفغانستان أثناء الحرب السوفيتية إلى مخيم لاجئين في باكستان، الصورة إلتقطها المصور الصحفي الأميركي
ستيف ماكوري للفتاة في معسكر اللاجئين الأفغان في بيشاور بباكستان عام 1984، لفتت الصورة الإنتباه بعد نشرها للمرة الأولى على غلاف مجلة ناشينوال جيوجرافيك في شهر يونيو 1985، إكتسبت الصورة شهرية عالمية واسعة وكلما يمر الوقت يزداد الإعجاب والإفتتان بها، للدرجة التي أجهدت الكثيرين في البحث عن الفتاة صاحبة الصورة حيث أصبح لزاما بعد تلك الأهمية الكبيرة التي حققتها الصورة معرفة صاحبتها، بعد 17 سنة من إلتقاط الصورة وبالتحديد في يناير عام 2002 شكلت ناشيونال جيوجرافيك فريق بحث سافر إلى أفغانستان بعد معرفتهم بإغلاق معسكر اللاجئين بباكستان، وكانت المعلومات المضللة كثيرة وإدعت كثيرات للفريق كذباً أنهن صاحبة الصورة، وأخيراً بعد عام كامل من البحث عثر عليها الفريق في منطقة نائية في أفغانستان، وظهرت شربات جولا صاحبة الصورة الحقيقة كانت في عمر الثلاثين، وتم إستخدام مايسمى بالتكنولوجيا البيومترية للتأكد أنها صاحبة الصورة من خلال قزحية العين وهي أهم مايميزها، تذكرت شربات لحظة إلتقاط الصورة ولاتدري عنها شيئاً ولا عن شهرة الصورة عالمياً عندما رأتها للمرة الأولى في حياتها في يناير 2003، وقد أصدرت ناشيونال جيوجرافيك فيلم تسجيلي عن البحث عنها بعنوان البحث عن الفتاة الأفغانية قبل العثور عليها عرض في مارس 2002. قد تكون قد أعجبت بالصورة والفتاة إذن فإحبس أنفاسك وشاهد الفتاة بنفس زوايا تصوير الصورة الأولى وهي في عمر الثلاثين عام 2002 -- الصورة


المركز الثالث


تعدى تأثير تلك الصورة أي تأثير آخر لأي صورة على مدار التاريخ، هذه الصورة كانت السبب الرئيسي لإنهاء حرب فيتنام، صورة تتسبب في إنهاء حرب تستحق أن تحتل المركز الثالث، الصورة للطفلة الفيتامية التي نالت شهرة عالمية بسبب تلك الصورة فتم التعرف عليها، الطفلة هي كيم فان وتم إلتقاط الصورة في 8 يونيو 1972 في قرية ترانج بانج الفيتنامية بواسطة المصور الصحفي
نيك أوت المولود في الهند الصينية، تظهر الطفلة الفيتنامية في الصور عارية تماماً وهي تجري منطلقة في إتجاه الكاميرا وهي تصرخ من آلام إحتراق جسدها من الخلف بفعل نابلم القوات الفيتنامية الجنوبية، في 8 يونيو 1972 قامت الطائرات الفيتنامية الجنوبية بالتنسيق مع القوات الأمريكية بقصف قرية تراج بانج بقنبلة نابالم بعدما إحتلتها القوات الفيتنامية الشمالية، نال تيك أوت جائزة بولتيزر أهم مسابقة تصوير في العالم كما حصلت الصورة على صورة العام من الوورلد برس فوتو، بعد عدة سنوات صرحت الفتاة بأنها كانت تصرخ قائلة ساخن جداً ساخن جداً، ولكن ماذا حدث لها بعد ذلك ؟؟ إصطحب المصور نيك أوت الطفلة وآخرين إلى مستشفى بارسكاي في مقاطعة سايجون، وتوقع الأطباء أنها لن تعيش طويلا بسبب الحروق العنيفة، ولكن بعد 14 شهراً و17 عملية جراحية عادت كيم فان إلى المنزل وإعتاد المصور نيك زيارتها طوال ثلاثة أعوام حتى تم ترحيله عقب سقوط سايجون، نشرت الصورة في الصحف بعد أربعة أيام من إلتقاطها، وشكك الرئيس الأميركي نيكسون وقتها في صحتها، الطفلة مازالت على قيد الحياة حتى اليوم وهو مايؤكد صحة الصورة، تعيش الآن في أونتاريو بكندا مع زوجها، وفي ذكرى حرب فيتنام عام 1996 دعتها أميركا لإلقاء خطاب قالت في بدايته لا نستطيع أن نغير الماضي ولكن نستطيع أن نعمل جميعاً من أجل مستقبل يعمّه السلام، ومن أقوالها في عام 2008 صفة التسامح جعلتني متصالحة مع نفسي مازال جسدي يحمل العديد من الأثار وآلام شديدة في معظم الأيام ولكن قلبي مازال صافياً -- صورة حديثة لكيم فان مع زوجها


المركز الثاني


حصلت الصورة على جائزة بولتيزر في عام 1994 أثناء المجاعة السودانية، وفيها طفلة تزحف في محاولة للوصول لمعسكر الأمم المتحدة الذي يبعد كيلومتر واحد، الصورة إلتقطها المصور الجنوب أفريقي
كيفين كارتر، يقول كيفين أنه سمع صوت ناعم لطفلة تأن عندما كانت تستريح قليلاً في طريقها لمركز الإغاثة، ووقتها حل نسر على بعد قريب منها وإنتظرت عشرين دقيقة علّه يطير ولم يفعل، إلتقط كارتر الصورة في النهاية ثم طارد النسر ورحل، وُجهت إنتقادات عديدة لكارتر لأنه رحل دون أن يقوم بمساعدة الطفلة على عكس مافعله المصور في الصورة السابقة، تقول صحيفة سان بطرسبرج تايمز عن كارتر منقدة إياه .. الرجل أخذ الإطار الصحيح وقام بظبط عدساته وإلتقط المعاناة وربما كان يفترسها .. نسر آخر في الصورة، بيعت الصورة لجريدة النيويورك تايمز ونشرت للمرة الأولى في 26 مارس 1993 وتلقت الجريدة فور النشر مئات من الرسائل تتسائل عن الطفلة وماذا حدث لها، الجريدة لم تجد رداً فما كان منها إلا أنها قالت أن الطفلة كانت لديها من القوة ماتستطيع أن تكمل مسيرتها ولكنها لاتستطيع أن تجزم بذلك، في ظل تلك الإنتقادات وحتى بعد فوزه بالجائزة وفي يوم 27 يوليو 1994 أقدم كيفين كارتر على الإنتحار بإستنشاق عادم سيارته بعد إصابته بالإكتئاب وترك خطاباً يوضح أن إنتحاره كان نتيجة الإكتئاب وإنتهت حياته عن عمر 33 عاماً .. مات كيفين وبقيت صورته حية تحتل المركز الثاني لأهم صور في التاريخ


المركز الأول


أهم صورة على مدار التاريخ .. صورة رجل الدبابة أو التانك مان أو المتمرد المجهول، ألتقطت الصورة لساحة تيانانمن التي تعتبر أكبر ساحة في العالم بمساحة 440 ألف متر مربع عبارة عن 850 متر طول و 500 متر عرض،
جيف ويدنر المصور الصحفي الأميركي التابع لوكالة أسوشيتد برس كان يغطي المظاهرات الطلابية في الصين وإعتصامهم في ساحة تيانامان حينما صدرت التعليمات الحكومية بفض الإعتصام بالقوة يوم 5 يونيو عام 1989، في هذا اليوم كان جيف مصاباً ويعاني أيضاً من دور برد جعله لايستطيع أن يغادر فندق بكين الذي يطل على الساحة، كان جيف يتابع الموقف من شرفته بالطابق السادس بكاميرا نيكون وعدسة تلي فوتو 400 ملي، كان يتابع وصول دخول الدبابات للساحة حتى ظهر رجل الدبابة ووقف أمام أسطول الدبابات المنطلق داخل الساحة، إلتقط جيف الصورة ولم يكن راضياً عنها، ولكن الصورة سرعان ماتصدرت جميع الصحف العالمية في اليوم التالي معبرة عن الحق في مواجهة القوة، رجل الدبابة كان يحمل كيسين تسوق كيس في كل يد، أجبر رجل الدبابة إسطول الدبابات على التوقف فما كان منه إلا أن تقدم بثبات وحيداً للأمام في مواجهة الدبابة الأولى حتى أصبح على بعد متر أو مترين، حاولت التحرك متفادياً إياه متخذاً إتجاه منحنى حوله فما كان منه إلا أن عدل إتجاهه وترجل ليقف أمام الدبابة مرة أخرى، كرر قائد الدبابة المحاولة عدة مرات وكان رجل الدبابة يعيد نفس الموقف فما كان في النهاية إلا أن أطفأ قائد الدبابة محرك الدبابة لفترة، بعض شهود العيان يقولون أن الرجل تم سحبه بعد ذلك بواسطة البوليس السري والقوات الخاصة، سميت الصورة بإسم المتمرد المجهول لأنه حتى الآن مازال مجهولاً ولايعرف عنه شيئاً، مجلة التايم الامريكية رصدت المتمرد المجهول ضمن أهم مائة شخصية في القرن العشرين، صدرت أفلام وثائقية كثيرة ترصد هذا الحدث وبالتحديد رجل الدبابة الذي أصبح رمزاً للشجاعة المتناهية، كانت هناك ثلاث صور أخرى لمصورين آخرين إلتقطت نفس اللقطة أهمها صورة إلتقطها المصور الصحفي الشهيرستيورات فرانكلين من الطابق الخامس ومن نفس الإتجاه تقريباً ولكن بزاوية أوسع قليلاً يظهر فيها عدد أكبر من الدبابات، وقد قام بتهريب الفيلم من الفندق في علبة شاي حملها طالب فرنسي للخارج، صورة أخرى ظهرت في يونيو من العام الماضي للمرة الأولى مصورة من الأرض مباشرة للمصور تيرل جونز يظهر فيها رجل الدبابة حاملاً الكيسين واقفاً على مسافة بعيدة نوعاً ما من أسطول الدبابات في إنتظارها .. جروب رجل الدبابة على الفيس بوك

Monday, May 17, 2010

صباح الخير يا تويتر



على تويتر صباح اليوم تابعت لمدة ساعتين التويتات الخاصة بمجموعة من المتواجدين في قائمة الذين أتابعهم


في تجربة جديدة على هذا الرابط بعض التويتات التي وددت مشاركتكم فيها

Thursday, May 13, 2010

قراءة صباحية في صحيفة ورقية




من العيوب الخطيرة والمؤثرة في عصر الفضاء التكنولوجي والسماوات المفتوحة وسرعة نقل الأخبار هو الإحباط .. نعم الإحباط .. فكثرة الأخبار الواردة من الغرب تدعوك دون إرادة منك أن تقارن بين حالنا وحالهم، والمقارنة سوف تصيبك أحياناً بالغيظ وأحياناً بالحنق وغالباً بالحسد بنوعيه .. النوع الحميد الذي تتمنى أن تصل إلى نفس أحوالهم، والنوع الخبيث من الحسد الذي تتمنى فيه زوال النعمة من الغير .. وهو مايستبد بنا أحياناً عندما نفقد الأمل في أن يتحقق عندنا مايتمتعون به

طلبت كوباً من الشاي الأحمر الساخن يتصاعد منه البخار مثلما تراه في إعلانات شاي العلامة الصفراء، مع نارجيلة رائقة تم إعدادها بعناية فائقة، وفتحت الصفحة الأولى لجريدة الشرق الأوسط بلونها الأخضر التفاحي، كان الخبر في منتصف الصفحة الأولى كالآتي .. براون يستقيل ويبلغ الملكة بأن كاميرون خليفته، ومن تفاصيل
الخبر قرأت مايلي .. وقبل توجهه للملكة، قال براون للصحافيين خارج مقر رئاسة الوزراء: «أبلغت السكرتير الخاص للملكة أنني أعتزم التقدم بإستقالتي للملكة، وفي حالة قبول الملكة سأنصحها بأن تدعو زعيم المعارضة (كاميرون) من أجل السعي لتشكيل حكومة، أتمنى الخير لرئيس الوزراء المقبل مع إتخاذه خيارات مهمة من أجل المستقبل»، وقال براون أنه سيستقيل أيضاً وفوراً من زعامة حزب العمال

يعني الراجل مش كفاية إن حزبه سقط في الإنتخابات وبالتالي إبتعد عن رئاسة وزراء بريطانيا العظمى، لأ كمان بينصح مين ييجي مكانه، يقصد زعيم المعارضة الذي أصبح زعيم الأغلبية في يوم وليلة .. وبالرغم من إنه نصيحته للملكة إجراء بروتوكولي إلا أنه كان مناسباً ومتماشياً لطعم النعناع في رشفة الشاي الساخنة، وحتى يكون صباحنا زي الفل لم يُهدد براون أويتوعد بسحق المعارضة في الإنتخابات القادمة، وبالطبع مافيش إتهامات بالتزوير ولا تقفيل الصناديق ولا الكلام الكبير اللي عندنا، لأ وكمان وختامها مسك من عند أخونا في الإنسانية براون 59 سنة وهو بيقول إنه هايستقيل كمان من حزب العمال معطياً فرصة للشباب زي ديفيد ميليباند وزير خارجيته، والشاب ده أنا باحبه .. عشان كده أخدت نفس جامد يصل لدرجة السكْر .. وأبعدت عن تفكيري عمداً الفكرة الخبيثة للوسواس الخناس لعقد مقارنة كادت أن تتسلل إلى تفكيري وذلك حتى لاأفسد متعة صباحي

إرتشفت رشفة أخرى ساخنة وأنا أنتقل لصفحة داخلية لأجد
خبر أن بيرلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي يصل لتسوية طلاق مع زوجته بأن يدفع 300 الف يورو نفقة طلاق شهرياً بينما كان يسعى هو لأن تكون 200 ألف يورو .. مش دي المشكلة .. المشكلة إن التسوية دي تمت في خلال 5 ساعات أمام أحد قضاة الشؤون المدنية، كان الوسواس الخناس يلعب لعبته بسهولة هذه المرة لأفكر كيف يقف الرجل الأول في بلده بكل سهولة أمام أحد القضاة خمس ساعات في قضية مدنية يناقش ويتفاوض ويساوم علّه يستطيع أن يُقلل القيمة، عندنا كان القاضي هو اللي أخد إعدام

الرشفة قبل الأخيرة من الشاي الذي مازال ساخناً كانت مع
خبر آخر في جريدة الشرق الأوسط عن أن الملك الأسباني خوان كارلوس يغادر المستشفي بعد جراحة ناجحة .. الخبر عادي لكن تكملته بيقول إن العملية كان جراحة إستئصال درنة بالرئة .. فين يارجالة ؟؟ .. في مستشفى حكومي في برشلونة .. إستكملت الخبر عسى أن أجد إسم منتجع صحي أو هايدلربرج أو الدكتور ماركس بوشلر طبيب هايدلبرج وصديق المصريين الذي أصبح أشهر من نار على علم في مصر، أو عسى أن أجد خوليو إجليسياس أو حتى إنريك إجليسياس غنّي له بسلامة العملية ونجاحها، لكن يبدو أن محرر الخبر غير دقيق ولم يتابع الموضوع بأكمله


إنتهى الشاي ولم يتبقى إلا التفل وأنا أقرأ خبر داخلي بذات الجريدة يتحدث عن تمديد حالة الطوارئ في مصر

Wednesday, May 12, 2010

أقوى مائة شخصية ذات تأثير عالمياً وعربياً لعام 2010





وصدرت قائمة 2010 لمجلة التايم الأميركية التي ترصد فيها أكثر 100 شخصية على مستوى العالم ذات نفوذ وتأثير، وفي رسالة التايم لقرائها تقول أنه بالطبع هناك شخصيات تعطيهم مناصبهم نفوذاً وتأثيراً مثلما هو الحال مثلا في رئيس أكبر دولة في العالم الولايات المتحدة الأميركية، ولكنها من ناحية أخرى تبحث عن أناس يعطون مناصبهم نفوذاً وتأثيراً واقع من شخصهم، لذلك صدرت قائمة 2010 مختلفة نوعاً ما حيث خصصت المجلة لكل تصنيف قائمة خاصة بها، فنجد لولا دي سيلفا رئيس البرازيل يحتل المركز الأول في قائمة الزعماء كما يتصدر القائمة العامة، فيما إحتل باراك أوباما المركز الرابع في قائمة الزعماء بينما إحتل سلام فيّاض رئيس الوزراء الفلسطيني المركز العاشر متقدماً على رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد الذي حل في المركز الثالث والعشرون


وفي قائمة الأبطال تصدر القائمة بيل كلينتون فيما إحتل المعارض الإيراني مير حسين موسوي المركز الثالث، وكانت المفاجأة في إحتلال الطفلة اليمنية ريم النميري 12 عاما المركز الثاني عشر بعدما شغلت العالم بقضيتها في رفضها الزواج في هذا العمر وتصديها بكل قوة لعدم إتمام الزواج، كما شملت قائمة الأبطال لاعب الكرة الإيفواري دوروجبا

وفي قائمة النجوم تصدرت ليدي جاجا المركز الأول فيما حصدت صاحبة الأوسكار المخرجة كاترين بيجلو المركز الثالث، بينما قبع زوجها السابق مخرج فيلم أفاتار جيمس كاميرون في ذيل قائمة الفنانين في المركز الخامس والعشرون في حين حل نجم البوب البريطاني سير ألتون جون في المركز السابع عشر

وفي قائمة المفكرين تصدرت المهندسة المعمارية العراقية زها حديد المركز الأول بينما جاء ستيف جوبز الرئيس التنفيذي لشركة أبل في المركز الحادي عشر

تغيّبت عن القائمة هذا العام أي وجوه مصرية، بينما حل وجه مصري وحيد في قائمة العام الماضي 2009 في المركز الثامن عشر وهو جمال مبارك، وكتبت تدوينة وقتها كانت سبباً في أن تقوم المدونة بإستطلاع رأي عن أكثر الشخصيات المصرية نفوذا وتأثيراً لعام 2009، وهي التي تصدرها عمرو خالد بينما حل جمال مبارك في المركز الثاني وأبو تريكة في المركز الثالث وحسني مبارك في المركز السابع وحصد حسن شحاتة المركز العاشر، فيما حل البرادعي في المركز الثامن والعشرون وذلك قبل أن يعلن البرادعي نيته للترشيح للرئاسة، وبإمكانك الإطلاع على النتيجة كاملة لعدد 75 شخصية مصرية على الترتيب بالضغط على هذا الرابط

وعلى الصعيد العربي أعلنت مجلة أرابيان بيزينس قائمة أكثر مائة شخصية عربية ذات تأثير وتصدرت الإمارت القائمة بعدد 17 شخصية تلتها مصر بعدد 16 شخصية، ثم السعودية بعدد 15 شخصية متساوية مع لبنان، وتصدر القائمة الوليد بن طلال للعام الثاني على التوالي بينما تلاه قائد شرطة دبي ضاحي خلفان في المركز الثاني كوجه جديد على القائمة، وكان المركز الثالث من نصيب المصرية داليا مجاهد مستشارة الرئيس أوباما في مجلسه الإستشاري الخاص بالأديان المكون من ممثلي 25 طائفة لتكون أول مسلمة محجبة تشغل منصبا من هذا النوع في البيت الأبيض


نشأت داليا مجاهد في حي السيدة زينب ثم صاحبت أسرتها عندما هاجرت للولايات المتحدة، درست داليا إدارة الأعمال والهندسة الكيميائية وشاركت في أبحاث أعدها مركز جالوب، وهي ترأس حالياً مركز جالوب للدراسات الإسلامية، حل حسن شحاتة في المركز السابع عربياً والثاني مصرياً بينما حل المدرب الجزائري رابح سعدان في المركز الأربعون عربياً والأول جزائرياً، وساهمت الجزائر بشخصيتين فقط في القائمة وكانت الشخصية الثانية هي الأديبة أحلام مستغانمي في المركز الرابع والسبعون، محمد ناجي جدّو حل في المركز الرابع والأربعون في القائمة وفي المركز الثالث رياضياً والسادس مصرياً فيما حل أبو تريكة في المركز الثامن والسبعون عربياً والمركز الرابع عشر مصرياً والرابع رياضياً قبل قائدة الدراجة النارية العُمانية نشوى الكندي والمعلق الرياضي التونسي عصام الشوالي


من الشخصيات العربية والمصرية الملفتة للنظر تواجدها في القائمة المصري محمود وائل محمود بإعتباره طفل نابغة، محمود وائل عمره 11 عاما وأشتهر في مصر بإسم الطفل العبقري حيث نجح في إختبارات ذكاء تفوق سنه بمراحل وهو عبقري في الرياضيات ومواهبه تمكنه من الإلتحاق بالجامعة بعد خمس سنوات من الآن، إحتل محمود وائل المركز الثالث والسبعون عربياً والحادي عشر مصرياً، فيما حل لاحقاً له في المركز الثاني عشر مصرياً والخامس والسبعون عربياً العالم مجدي يعقوب، تلاهما البرادعي في السادس والسبعون عربياً والثالث عشر مصريا

من المفاجآت إحتلال عزت أبو عوف مركزاً متقدماً نسبياً فحل في المركز الثالث مصرياً والمركز الرابع والعشرون عربياً وذلك بدون سبب قوي أو تفسير واضح سوى رئاسته لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي كما أشارت المجلة، تلاه في المركز الخامس والعشرون عربياً زغلول النجار ويعتبر الرابع مصرياً، بينما خلت القائمة من عمرو خالد الذي إحتل قائمة عام 2009 في إستطلاع المدونة لأكثر الشخصيات المصرية

من المفاجآت أيضاً التي أعتقد أنها لن تتكرر بسهولة مرة أخرى هو وجود إسم مدون مصري بين أكثر مائة شخصية مؤثرة عربياً، وبالطبع وائل عباس هو المدون الوحيد هذا العام والأعوام السابقة في قائمة أرابيان بيزنس، وقد حل في المركز السادس والتسعون عربياً والمركز السادس عشر مصرياً، قالت المجلة في معرض تعريفها لوائل عباس .. وائل عباس من أشهر المدونين في مصر والعالم العربي وأكثرهم مشاكسة، وهو صاحب مدونة الوعي المصري والتي فضحت ممارسات التعذيب لدى الشرطة المصرية والتي تمارسها على الموقوفين والمعتقلين لديها، وقد تعرض للإعتقال والمحاكمة من قبل السلطات المصرية نتيجة لأرائه الجريئة والنافذة، يستخدم وائل عباس لغة خاصة في تدويناته وطرح أرائه وأفكاره على الإنترنت، فطريقته مصرية تماما في الطرح والنقد والتعليق، ويلجأ في الكتير من الحالات إلى إستخدام الصور وتسجيلات الفيديو لدعم الحوادث التي يكتب عنها، وبإمكانك الإطلاع على قائمة المائة العربية كاملة بالضغط على هذا الرابط

Friday, May 07, 2010

الإبداع بين رُحى .. الإزدراء والقذف والتطبيع والنائب العام


معتاد أن يكون الإسم على غير مسمى، فقد يكون الإسم عادل وهو خير مثال للظلم، أو أن يكون الإسم جمال والدمامة هي أهم مايميزه، أو أن يكون الإسم مُنتصر وحياته كلها ماهي إلا سلسلة من الهزائم، هذا أمر لا يد للمرء فيه، ولكن أن تنتقي لنفسك منصب وتتقلده وهو لايعبر عمّا أنت عليه فهذا هو العار وأحياناً يدعونه نفاق، عندما تكون وظيفتك هو رئاسة منظمة المركز المصري لحقوق الإنسان ولا هم لك إلا تقييد حرية وحقوق الناس في التعبير فهذا هو العار .. السيد نجيب جبرائيل واضح أن لاهم له من وظيفيته إلا مطاردة خلق الله لوجه الله ولوجه الشهرة

بالأمس طالعني خبرين كلاهما أقسى من الآخر وكلاهما فيهما قاسم مشترك ألا وهو السيد جبرائيل ، الخبر الأول هو إحالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بلاغ نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان ضد الدكتور يوسف زيدان مؤلف رواية عزازيل إلى نيابة أمن الدولة العليا لاتهامه بازدراء المسيحية، للمرة الألف مقابلة الفكر لايكون إلا بالفكر لا بأمن الدولة وهذا الكتاب بالذات قد تم طرح ومناقشة وتحليل كل مافيه من إتهامات بشكل متوسع ومن الممكن طرح عشرات الكتب التي تناقش وتفند كا ماجاء فيه، وبالفعل طرح الأنبا بيشوي كتاب في بحث وثائقي بعنوان الرد على البهتان في رواية يوسف زيدان .. ولكنه دائماً الطريق الأسهل النائب العام وأمن الدولة، والغريب في الموضوع هو قرار النائب العام، لماذا تتحول تهمة فكرية قد تصل لإزدراء الأديان إلى أمن الدولة ؟ وماعلاقة أمن الدولة ؟ كان الأجدر بالنائب العام على أسوأ تقدير أن يحيل البلاغ إلى لجنة مستقلة من وزارة الثقافة أو أكاديميين من كليات الآداب والفلسفة يستطيعون إدراك ماتشير إليه الرواية وتحديد مسارها من الإزدراء، لكن أن يناقش ظابط أمن دولة ماكتب في عزازيل إذا إستطاع أن يقرأه أو يفهمه هو منتهى العبث، فعلا منتهى العبث أن يحقق أمن الدولة مع يوسف زيدان، وأكاد أتخيل موقف كوميدي عبثي وظابط أمن الدولة يسأل زيدان عن نسطور والراهب هيبا وحقيقة عزازيل


الخبر الثاني هو قرار محكمة جنح السيدة بإحالة بلال فضل وأسامة غريب وسمير غطاس الى محكمة الجنايات بتهمة السب والقذف والتشهير بحق الدكتورة هالة مصطفى الصحفية بالأهرام طبقا لبلاغ محاميها نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، الغريب أن من يطالب بحبس الصحفيين هم الصحفيين أنفسهم، والعجيب أن هالة مصطفى هي أول من تأذّت من التحقيق معها بعد إتهامها بالتطبيع نتيجة إستقبالها السفير الإسرائيلي في جريدة الأهرام، وقد وجهت الهيئة التأديبية الابتدائية بنقابة الصحفيين إنذار لها بمخالفتها لقرارات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، كما قضت بمعاقبة الصحفى حسين سراج نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية بالمنع من الكتابه الصحفية لمدة ثلاثة أشهر لمخالفته بالسفر لإسرائيل بالرغم أن طبيعة عمله تسمح له بذلك وقد سافر مرات عديدة خلال سنوات سابقة ولكن فجأة إكتشف النقابة ومفتشي التطبيع ذلك .. وهنا يجب طرح القضية الأخرى وهي حدود الثقافة والأبداع بين رحى التطبيع والإتهامات بالعمالة

ولكن قبل الإنتقال لتلك النقطة الشائكة، أود أن أستكمل الحديث عن أسماء تحمل مناصبها ألقاب تتعارض تماما مع تصرفاتها، فبعد نجيب جبرائيل المفتش العام يتصدر المشهد محامون بلا حدود .. ومُسمى محامون بلا حدود مُسمى يتسق تماماً مع تلك النوعية من الهيئات الحقوقية التي تعنى بالحقوق الحريات في الفئة التي تنتمي إليها، مثل صحفيون بلا حدود وأطباء بلا حدود وماشابهما، ولكن محامون بلا حدود بدلاً من أن تهتم بحقوق المحامين والإنتهاكات التي تصيب تلك الفئة في مناسبات مختلفة، نجدها هي الأخرى بعيدة كل البعد عن الحريات وكان أهم نشاطها التي تفتق عنه ذهن أعضاؤها هو الكتاب التراثي ألف ليلة وليلة، وقيامهم بتقديم بلاغ للنائب العام بمصادرة طبعة كتاب ألف ليلة وليلة التي صدرت نسخة حديثة منه الشهر الماضي تابعة للهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة وكأن النائب العام لاوظيفة له إلا قراءة الكتب .. هذا الكتاب التراثي كلما إنتهينا من مشكلته نعود بعد سنوات لطرحها مرة أخرى، أتذكر في نهاية الثمانينات ظهرت المشكلة على السطح وكانت قضية رأي عام وقتها، عندما قدمت بلاغات بمنع الكتاب نتيجة إحتوائه على عبارت إباحية أو أيروسية تخرج على الذوق العام، وإنتهت المشكلة وقتها بعد ان أخذت حيزها من الإهتمام لتعود وتطفو مرة أخرى هذه الأيام على يد محامون بلا حدود وكأنه فشل في وجود هيافات جديدة لتزيد من تعكير صفو المجتمع المتعكر من الأساس

ومن المنظمات التي تحمل إسماً ليس على مايُسمى .. يحضرني فيلم وثائقي إسمه أنا مثلي يتحدث عن المثلية في الوطن العربي، وقد تم عرضه في 24 أبريل الماضي ضمن برنامج ما لايقال على قناة بي بي سي العربية ، وقد تضمن البرنامج مناقشة للفيلم لمدة ساعة عقب عرضه وكانت المناقشات والمداخلات التليفونية من دول عربية مختلفة على وعي كامل بموضوع المثلية وأسبابها وأبعادها وكيفية التعامل معها والوصم الذي يصيبها من الناحية الإجتماعية والطبية، وقد أعجبت بكثير من المداخلات التي تتميز بثقافة تجاه القضية ومحاولة رصدها والحديث عنها من خلال نظرة إجتماعية، كانت المشاركات من معظم الدول العربية في غياب مشاركة مصرية حتى كانت هناك مداخلة قبل النهاية من منظمة حقوقية مصرية إسمها على ماأتذكر سواسية، وللأسف كانت المشاركة الوحيدة الخاطئة التي أخذت منظور ديني منغلق عن القضية فبدا وكأنه صوت نشاز، فقضية المثليين في الحلقة لم يكن فيها الحديث من الجانب الديني عن الحلال والحرام فتلك نقطة لاخلاف عليها بين كل عموم الناس أو الغيريين، ولكنها الوثائقي كان معنِي برصدها إجتماعياً وكيفية التعامل معها، حتى الداعية الديني الكويتي محمد العوضي الذي كثيراً ماهاجم المثليين والسحاقيين ومايسمى بظاهرة البويات الخليجيات كان على مستوى الحوار متحدثاً بشكل أعمق وأكثر تفهماً من ذلك الحقوقي المصري الذي علق عليه الحقوقي المغربي في مداخلته بطريقة تكاد تكون متجاهلة له مشيراً بأن الحقوقي من مصر يبدو أن له مرجعية دينية وهومايناسب الطرح




نعود مرة أخرى للإبداع والثقافة بين رحى التطبيع وماهي حدوده، غادة عبد العال المدونة وصاحبة كتاب عايزة أتجوز والذي نال شهرة كبيرة ونسبة مبيعات عالية وتمت ترجمته للإيطالية والألمانية وفي نهاية العام سوف يتم صدور الترجمة الإنجليزية والهولندية، كتبت على صفحتها على الفيس بوك بطريقتها الساخرة مايلي : تلقيت اليوم عرض لترجمة كتابي للعبرية ..!!!!!.. نشكركم لحسن تعاونكم إمضاء ديفيد شارل سمحون .. وبالرغم من أن غادة لم تشر إلى أنها قبلت أو رفضت وإن كان تهكمها في نهاية جملتها يشير لإستنكارها إلاّ أن هناك كان 69 تعليق معظمها إن لم يكن جميعها قد أنصب لها محاكم التفتيش على النية، كلٌ متخذ موقف النصيحة التي لم تطلبها، كلٌ منصّب نفسه وليا لأمرها دون دخول في تفاصيل فكانت هناك تعليقات مثل: هي مش لازم تقول إنها هتوافق، هي مادام نشرت الموضوع ده كفاية ومعناه أنها فكرت في نشره، وهي مفروض ماتفكرش ولو للحظة إنها تترجم الموضوع ده للعبري بالذات لأنها بكده هاتكون عوّاد، أو تعليق مثل: متفكريش إن ده إنجاز إنك هترجمى كتابك للعبرية وكمان أنا مكنتش عاوزك تفكرى أصلا فى موضوع زى ده أو حتى تشهرى بيه، وهناك من إكتفى بتعليق واحد وإنصرف فقال: شيزوفرانيا ليتركك أنت لتكتشف ماذا يعني تحديداً بالشيزوفرانيا

وللأمانة أجد غادة رافضة للفكرة ولكن الموضوع محتاج لنقاش أكبر وأوسع، هل قيام ناشر بطبع الكتاب للعبرية يُعتبر تطبيع ؟ وهل هناك كتب مصرية أو عربية تمت طباعتها للعبرية من قبل ؟ وهل هناك كتب عبرية تمت طباعتها للعربية ؟ التاريخ يقول أن هناك كتب عبرية كثيرة تمت طباعتها للعربية وكان ذلك في الماضي ولم يكن متاح للعامة بل كان فقط مطروح للنخبة ليتم التعرف على إسرائيل، وكانت تلك الكتب والتراجم ذات طابع فكري أكثر منه أدبي ثم ظهرت في الأسواق للعامة كتب مترجمة من العبرية وخصوصا السير الذاتية والمذكرات مثل مذكرات عزيرا فايتسمان أو مذكرات موشي ديان الذي صدرت في كتاب قصة حياتي أو كتاب بيجين - سيرة حياته لأريك سيلفر أو رئيس الموساد أثناء حرب أكتوبر إيلي زعيرا بعنوان حرب يوم الغفران ترجمة توحيد مجدي، بل حتى كان هناك كتاب حِواري نشرته الشروق لشيمون بيريز وبطرس غالي بعنوان ستون عاماً من الصراع في الشرق الأوسط، وغالباً مايتم ترجمة كتب عبرية يكون محتواها متفقاً مع أفكارنا

طرحت دار ميريت منذ بضعة أيام كتاب نايشن أند زي ديث أو الأمة والموت للكاتبة الإسرائيلية عيديت زيرتال ترجمة نائل الطوخي الذي صدر عام 2002 عن دار نشر دفير العبرية، ويبدو أن الدار تعرف حساسية كلمة إسرائيل فلم تشر في دعايتها للكتاب على الفيس بوك أو في ندوتها أن الكتاب ترجمة لكاتبة إسرائيلية، وهذه أبداً ليست دعوة إستعداء أو هجوم ولكنها دعوة للنقاش، وتلك ليست المرة الأولى للكاتب أن يترجم كتب كتبها كتاب إسرائيليين، فقد أصدر العام الماضي كتاب يوميات تطهير فلسطين عن دار العين حيث يحتوي الكتاب على مقالات وأشعار لمجموعة من الكتاب والفنانين الإسرائيليين
إذن السؤال المطروح هو هل ترجمة كتب لكتاب إسرائيليين للعربية وطرحها للبيع في مصر يعتبر تطبيع وخصوصاً أن الناشر والكاتب الإسرائيلي يحصل على عائد مادي نتيجة طرح كتابه في السوق المصري؟ .. والسؤال الأهم هلى ترجمة كتاب مصري للعبرية هو تطبيع أم لا ؟ .. وأيهما أخطر لو كان هناك في الأمر شبهة تطبيع ترجمة أعمالهم للعربية وطرحها في السوق المصري للتداول أم ترجمة كتب مصرية للعبرية وطرحها في الأسواق الإسرائيلية ؟ .. أمامنا تجربتان أحدهما تمت لمرات متعددة وأخرى لا أعلم أنها قد تمت من قبل ولكن هناك عرض أرض الواقع .. أسأل تلك الأسئلة وأعلم أن غادة مازلت رافضة ولا أدري موقف دور النشر المصرية صاحبة الحق في الكتاب .. ولكنها على أي حال أسئلة مطروحة ومفتوحة تحتاج للرد

Tuesday, May 04, 2010

السّلام الضّائع في كامب ديفيد



السادات وبيجن يوم 6 سبتمبر 1987 لدى دخولهما أسبن مقر إقامة الرئيس الأميركي كارتر داخل منتجع كامب ديفيد


بداية .. أود أن أشير أن التالي هو ريفيو لكتاب السلام الضائع في كامب ديفيد لوزير الخارجية المصري السابق والراحل محمد إبراهيم كامل الذي يتناول يوماً بيوم في كتابه المؤلف من 662 صفحة تسعة أشهر كانت مقدمة لإجتماع كامب ديفيد والذي إنتهت بإتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر 1987، بينما قدم إستقالته قبلها بيوم واحد للسادات في كامب ديفيد، وقبلها السادات بعدما طلب منه إرجاء إعلانها لحين العودة لمصر بعد توقيع الإتفاقية، هذا الريفيو  أو العرض كنت قد كتبته تعليقا على الكتاب في موقع جوودريدز ولكني بعدما كتبته، آثرت أن أكتبه هنا في هذه المدونة
السادات يصافح روزالين كارتر حرم الرئيس الأميركي بحياء على الطريقة المصرية

كامب ديفيد .. إتفاقية إشكالية ذات محل خلاف كبير بين معسكرين أحدهما يرفضها ويعتبرها إتفاقية عار وخذلان ومعسكر آخر يعتبرها إنجاز وإعجاز من داهية سياسية إسمه أنور السادات، وبين المعسكرين نادراً ماتجد من يقف موقف الحياد والكل متشبث برأيه، ومن لم يكن لديه معلومات كاملة عن الأسس والأطر التي تمت عليها الإتفاقية ومراحل التفاوض الشاقة والمرهقة التي كانت وراءها يصبح موقفه من الإتفاقية دون أساس واضح، من هنا تأتي أهمية كتاب السلام الضائع في كامب ديفيد لمحمد إبراهيم كامل، هذا الكتاب من أفضل كتب السير الذاتية التي قرأتها على الإطلاق، والكتاب يعتبر سيرة ذاتية تجاوزاً حيث أنه يتناول الفترة بعد زيارة السادات للقدس وبالتحديد منذ يوم 19 نوفمبر 1977 أي بعد 35 يوما من زيارة السادات للقدس وحتى يوم توقيع الإتفاقية في 17 سبتمبر 1978 وهي الفترة التي عاشها صاحب الكتاب بوصفه وزير لخارجية مصر في فترة خاصة جداً من تاريخها، وهي مرحلة التفاوض المصرية الإسرائيلية والتي توجت بإتفاقية كامب ديفيد ، محمد إبراهيم كامل شخصية تكاد تكون منسية في تاريخ مصر بالرغم من ثقل الوظيفة وأهميتها في تلك الفترة، فأغفله التاريخ نتيجة لما أفزرته تلك الفترة من أهم أحداث مصر في فترة حكم السادات بعد حرب أكتوبر وهي كامب ديفيد وللشخصية الكارزمية التاريخية الخطيرة للسادات

صورة نادرة من داخل منتجع كامب ديفيد يوم 12 سبتمبر 78 يظهر فيها السادات ومعه من الوفد المصري أسامة الباز وأعتقد أن الثالث هو محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية


الكتاب مثير جداً للقارئ ومكتوب بلغة أقرب للقارئ منها للنخبة فيتعايش مع الأحداث وكأنه يعيش وسطها وينطق الكاتب بكثير مما يريد أن يقوله القارئ على لسان الكاتب ووزير خارجية مصر الأسبق .. إثارة الكتاب تأتي مع صفحاته الأولى والتي تولى فيها وزارة الخارجية في فترة نادرة لم يكن لمصر فيها وزير خارجية لمدة تتعدى الشهر عقب إستقالة إسماعيل فهمي وزير خارجية مصر إحتجاجاً على زيارة السادات للقدس، أعقبها إستقالة محمد رياض من وزارة الخارجية عقب تعيينه بست ساعات، ليتم تعيين محمد إبراهيم كامل وزيرا للخارجية بعدها ببضع وثلاثون يوماً، والإثارة كانت في طريقة تعيينه وزيراً للخارجية عندما علم من شاشات التلفزيون بقرار تعيينه دون أن يتصل به أحد أو يستشيره أحد، وتستمر أحداث ومواقف ولقاءات على مدار 9 أشهر و27 يوماً هي عمره في وزارة الخارجية له حتى تقديم إستقالته وللوفد المصري، وبقدر الإثارة في تعيينه كانت الأثارة أشد في إستقالته التي تمت قبل توقيع الإتفاقية بيوم واحد وبالتحديد في 16 سبتمبر 1987 وقد قبلها السادات داخل كامب ديفيد وطلب منه تأجيل إعلانها حتى عودتهم للقاهرة


القارئ للكتاب سوف يجد نفسه أمام طراز دبلوماسي فريد من نوعه شديد الذكاء واليقظة شعلة من الوطنية الممزوجة بالقومية العربية كانت سبباً بشكل أو بآخر في ضيق الوفد الإسرائيلي، وماكانت الإتفاقية التي تم توقيعها دون موافقته وإعتراضه عليها لتتم بهذا الشكل، بل كانت سوف تشتمل على مزيد من التنازلات

في كتب السير الذاتية يكون هناك مبالغات من كاتب السيرة تعظم دوره وأحياناً تخفي حقائق قد تنتقص من دوره وقيمته، وهو ما لن تشعر به في هذا الكتاب فكان الكاتب صادقاً مع النفس لأقصى درجة، شديد الأمانة في النقل بإسلوب سلس يقص لك الأحداث لتستشعر أنت أيضا كيف وصلت الأمور لتوقيع تلك الإتفاقية، فالكاتب مثلا لا يخفي عدم رضا السادات عنه في كثير من الأحيان وعدم تقبله لما يراه وزير الخارجية على مضض فنكص السادات وعوده له في مرات اخرى، فلايخفي الكاتب إهانة السادات له عندما قال له أمام الجميع أعضاء مجلس الأمن القومي المصري بطريقة السادات المعروفة الغاضبة: أوع تكون فاكر نفسك دبلوماسي بصحيح ياسي محمد ، أو عندما قام السادات بطرده هو ووفد الخارجية في كامب ديفيد من مقر إقامته عندما غضب وعلا صوته قائلاً للجميع: وماذا أفعل إذا كان وزير خارجيتي يظن أنني أهبل، قبل أن يصيح فيهم جميعهم طارداً إياهم من مقر إقامته في كامب ديفيد: إتفضلوا أخرجوا بره كلكم، مكررها مرتين

شخصية السادات المحيرة يقع المتابع لها دائما في نوع من الخلط ، وهذا الكتاب الذي يعتبر مهاجماً في السادات يقترب كثيراً منه بشفافية كبيرة، راصداً أفكاره وتحركاته وقراراته وكيف تتم وكيف تتخذ ولا شك أن القارئ السطحي للكتاب سوف يرى أن الكتاب مهاجماً للسادات، فالسادات يظهر بشكل أحمق فوضوي سلطوي متساهل مغامر قليل الحيلة وأحيانا عميل وخائن سريع التغير ليس له طول بال على المفاوضات المرهقة مفرط ومتهاون متعجل للنتائج يبحث عن مجد شخصي، ليس هذا السادات الداهية السياسية التي يعترف بها العدو قبل الصديق، والحق يقال أن السادات داهية وماكر سياسي من طراز فريد ساعده على ذلك كل تلك الصفات السلبية المذكورة سابقاً فالكاتب وإن لم يتحامل على السادات كاشفاً كل عيوبه دون مبالغة أو تفريط، لكن القارئ المتعمق سوف يجد أن الإتفاقية لم تكن لتتحق إلا بشخصية مثل السادات الذي كان ذكاؤها أيضا متمثلا في إختياره وزير خارجية صلب عنيد مشاغب، فلولا السادات بشخصيته والوفد المصري بوطنيته لم تكن الإتفاقية لتحدث، بمعنى لو كان الوفد المصاحب للسادات بنفس طريقته وعلى نفس أفكاره لكانت التنازلات وصلت لحد لايمكن أن تتوقعه ولقبع السادات في مزبلة التاريخ دون أن يكون هناك خلاف بين أي شخص على ذلك ودون ان يكون هناك معسكراً موافقاً للإتفاقية، ولو كان السادات بنفس درجة الوفد المصاحب له من التشدد والتعنت والصلابة لما كان لتلك الإتفاقية أن تكون ولكانت سيناء حتى الآن محتلة من الإسرائيليين ومليئة بالآلاف من المستوطنات الإسرائيلية في كل شبر منها، وتلك الحالة تتضح في تلك النظرة التي صرح السادات بها إلى وزير خارجيته في يوم توقيع الإتفاقية وبعد إستقالته بيوم واحد وهو يضع يده على كتفه قائلا: أصل إنت يامحمد مش سياسي فقال له وزير الخارجية: إذا كانت هذه هي السياسة فإنه لايشرفني ألا أكون سياسيا، هنا كان السادات يرى الموضوع بالفعل بصورة مختلفة

قد تتفق معي أو تختلف في رؤيتك بالنسبة للسادات ولكني أطلب منك قراءة هذا الكتاب الرائع لتعرف السادات أكثر، علما بأن هذا الكتاب هو أشد الكتب قسوة ونقد للسادات حيث تشعر فيه بمصداقية نادرة للكاتب في فترة كانت سبباً في تكوين معسكر كامل لايستهان من المهاجمين للسادات وبعد قراءة الكتاب سوف تتضح لك الرؤية أكثر إذا قارنتها بين الوضع الحالي وبين الوضع لو لم تكن الإتفاقية قد تمت ، قارنها بالوضع الحالي في ضوء مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002 ومازلنا ندلل بها للعالم وإسرائيل لاتعيرها أي إنتباه ولا أهمية، وحاولنا أن نتحدث ونهدد بعدم إمكانية وضعها على الطاولة للأبد فلم يهتم أحد لتهديداتنا، ولم نستطع حتى أن نسحبها فنظهر بصورة من يبحث عن الحرب في أجواء مذلة وهوان للعرب .. وقبل أن تقول أن السادات هو السبب أتمنى أن تقرأ هذا الكتاب المثير الشيق لتعرف دهاليز المفاوضات بين عدو متنعت جشع عنيد وبين رئيس بدا مستسلماً وحصل من فم الأسد على قطعة اللحم الشهية


فقرات من الكتاب 


----------------------
في فترة ما وعندما تحدث كثيراً محمد إبراهيم كامل عن العرب وأهميتهم وضرورة مشورتهم قال السادات‏:‏ إنك لاتعلم شيئا عن العرب‏.‏ اسألني أنا‏.‏ إنهم لوتركوا وشأنهم فلن يحلوا أو يربطوا‏.‏ وسيظل الاحتلال الاسرائيلي قائما إلي أن ينتهي إلي التهام الأراضي العربية المحتلة دون أن يحرك العرب ساكنا غير الجعجعة وإطلاق الشعارات الفارغة‏، كما فعلوا منذ البداية ولن يجمعوا علي حل
قبل مؤتمر ليدز في لندن قابل محمد إبراهيم كامل السادات ثم قال كتابه تعقيبا على إستفسار السادات عن أنه ينقل أخبار إلى المعارضة في إشارة للسفير نبيل العربي الذي تربطه علاقة نسب بمحمد حسنين هيكل .. غلبني الإنفعال فأضفت .. أنت تعلم أني لم أسع للعمل وزيرا للخارجية وأنا قبلت قرارك بتعييني في هذا المنصب بوازع من الصلة القديمة بيننا وكواجب وطني حتى أستطيع أن أعاونك في خدمة قضيتنا، وأنا لا أخاف منك ولست حريصا على منصب أو جاه ولايسعدني إلا أن أدلي برأيي بصراحة، والقرار في النهاية لك وإذا رأيت في أي لحظة أن أترك الوزارة فلا تتردد بحكم علاقتنا السابقة وسأترك الوزارة على الفور وبالشكل الذي تراه سواء بإقالتك أو بإستقالتي .. وتأثر السادات وقال: وأنا أخذتك وزير للخارجية لهذه الأسباب فلست أريد موظفا ينفذ ماأقول دوون مناقشة وليس هناك مايدعو لإنفعالك


حمل الكتاب إشارة لأحمد أبو الغيط وزير خارجيتنا الحالي إلى أنه كان في كامب ديفيد فيقول محمد إبراهيم كامل بعدما تمكنت منه فكرة تقديم إستقالته .. في صباح اليوم التالي السبت 16 سبتمبر دخل إلى غرفة نومي أحمد ماهر مدير مكتبي وأحمد أبو الغيط السكرتير الأول بمكتبي ليصحباني إلى الإفطار في المطعم وقلت لهما أنه لا رغبة لي في الطعام فقد أفرطت في التدخين طوال الليل فإنصرفا إلى المطعم وبعد برهة عاد أحمد أبو الغيط يحمل صينية عليها سندوتشان من الجبن وكوب من الشاي وبرتقالة وأصبع من الموز وكنت لا أزال في سريري فشكرته ولكنه ظل واقفاً أمامي فقلت له مابالك ؟ فقال لاتؤاخذني يامحمد بك فأنت رئيسي ووزيري وأنا بعد شاب صغير ولكني أشعر وأحس تماما بما يعتمل في صدرك، وإذا أذنت لي فإني أريد أن أقول لاتعذب نفسك ودع القلق، والجميع يعلم إخلاصك وكل مافعلته ولن يستطيع أحد أن يلومك على شيئ


وفي فصل بعنوان سلاطة أوربية يتحدث إبراهيم كامل أثناء زيارته والسادات لشاوشيسكو في رومانيا حيث قابل هناك منفردا بيريز ثم فايتسمان .. وأذكر أن الرئيس اليوغوسلافي تيتو قد أرسل خطابا إلى الرئيس السادات غاضبا يسترعي نظره إلى الأضرار التي حاقت بالمعسكر العربي وإلى جمود الموقف الإسرائيلي وسعيه لضم الأرض قبل كل شيئ، وكنا قد اعددنا رداً من الرئيس على خطاب تيتو إلا أنه ماطل في التوقيع عليه وألححت عليه في التوقيع قائلاً: إن الرئيس تيتو غاضب بما فيه الكفاية بسبب المبادرة ولاداعي لأن نرش الملح على الجرح بالتأخير في الرد على خطابه، خاصة وأنه كان دائماً من الركائز القوية في مساندة القضية العربية وتبناها بكل قوة وإقتناع وإيجابية، فوقع الرئيس أخيراً الخطاب وهو يقول .. الحق معك .. أصل الرئيس تيتو يشعر بالغيرة لأني لجأت إلى شاوشيسكو دونه
عندما تأتي الشهادة من وطني شريف صاحب قومية وعروبة منتقداً السادات معرياً إياه دون مبالغة سوف تقارن وتحلل وتستنتج ومن بعدها سوف تكتشف بعد نظر السادات الذي لم يدركه أكثر الناس وطنية وأحذقهم دبلوماسية