إمرأة وثلاثة رجال
هذه ثلاثة مقطتفات من بدايات أول رواية طويلة لي ... لاتنتظروها قريباً
كانت العيادة خالية من الزوار بالرغم من تأكيد ناهد صديقتها على ان أسامة من أكفأ الأطباء النفسيين وأن الكثيرين يفضلونه عن أي طبيب آخر .. بينما دلفت الممرضة إلى حجرة الطبيب لتقدم له الملف توقفت عين هالة على لوحة زيتية على الحائط غير واضحة المعالم ولكنها تشد الإنتباه بشكل كبير .. كانت هالة تعشق الرسم وموهوبة فيه بالرغم من تركها له منذ أعوام طويلة وبالتحديد منذ ثمان سنوات ، اللوحة عبارة عن شيئ يشبه الشجرة على جانب اللوحة الأيسر ملتصقة ببعض الخطوط غير المتناسقة تذهب للجانب الآخر من اللوحة التي تنتهي بمساحة زرقاء متعرجة .. شعرت هالة أن اللوحة ناقصة غير مكتملة وينقصها شيئ
عندما دخلت هالة غرفة الطبيب أسامة .. شعرت وكأن اللوحة قد إكتملت فقد كانت غرفة الطبيب وكأنها لوحة أخرى تكمل اللوحة الخارجية تتأكد تفاصيلها بهذا الضوء القادم من النافذة والمنعكس بطريقة فنية على الرأس والجانب الأيمن لوجه الطبيب الذي كان جالسا على مكتبه مشغولا بقراءة ملف هالة ... قبل ان تصل هالة لحافة المكتب كان الطبيب واقفا ماداً يده محيياًً إياها - أهلا مدام هالة .. تفضلي
****************
كصمت الشارع الجانبي المظلم كان يسير بجوارها صامتاً لايدري كيف تكون الخطوة القادمة .. كان يدرك أن ذلك ليس حلاً للمشكلة ولكنه نوعٌ من أنواع التنفيس عن حالة الغضب والضيق التي تحيط به .. نوع من العقاب لهالة .. نوع من جلد الذات له وكأن لسان حاله يقول هل أنت سعيدة الآن ياهالة ؟ .. هل سررت الآن أن زوجك كالمراهق السافل يلتقط عاهرة من الطريق وهاهو يسير معها الآن ؟
قطع الصمت بسؤال لها لايعني له الكثير
ا- إلى أين كنتي ذاهبة الآن ؟
ا- لقد أنهيت عملي وكنت ذاهبة للمنزل
أجابته وكأنها تمارس عملاً تقليدياً رسمياً له مواعيد محددة كطبيية بمركز طبي أو محاسبة بإحدى الشركات .. لم يكن سعيداً بالصيد الثمين كما توقع .. تباطأ قليلا ليتفحصها من الخلف وتساءل بينه وبين نفسه عن عدد من شاركتهم الفراش اليوم وكم يداً عبثت بها اليوم ؟ دفعه تساؤله إلى الزهد فيها ، كان كل مايريده أن ينزع عنها ملابسها ويرحل وكأنه موظف كسول يتعجل الوقت ليسجل إسمه في دفتر الإنصراف
****************
حتى جاء آخر أيام الأسبوع وحدث نفس الموقف تماماً مع نهاية اليوم عند باب الخروج .. يبدو وكأن هالة تعمدت أن يحدث اللقاء بنفس الشكل السابق .. شعر بها خلفه تسارع خطواتها حتى تلحق به وعندما أصبحت بجواره تماما لم يكن أمامه تجاهلها هذه المرة .. إلتفت إليها فرأى إبتسامة خجولة ونظرة حياء خاطفة تحمل له إعتذاراً ضمنياً عما حدث منها في الإسبوع السابق .. كاد قلبه يطير فرحاً حتى بدا له أنه يستمع لدقاته التي تود إختراق جسده .. بينما هي تحاول فاشلة إلتقاط أنفاسها التي كادت أن تتوقف .. هذه أول مرة تشعر فيها بما يسمى الحب .. هذا الشيئ الذي يأخذك من عالمك الواقعي إلى عالم آخر تنسى فيه كل صفاتك الشخصية وتشهد الحياة من جديد كأنك شخص آخر .. لذلك وعلى عكس طبيعتها الخجولة وجدت نفسها تعتذر ببراءة عما حدث وكأنها تستجديه أن يغفر لها ، وكان هذا أول درس لها إكتشفته بنفسها في عالم الحب .. لكي تعيش قصة حب لا تبحث كثيرا عن الكرامة ، كان طارق يود وقتها أن يأخذها بين ذراعيه ويرفعها ليدور بها حتى يتملكهما الدوار فيسقطا معا سوياً وكأنما يسقطان في الحب شبه هالكين يلتصق كل منها بالآخر ولا يوجد عند أي منهما بقايا قوة يدفع الآخر بعيداً عنه