ومن الحب ... ماقتل
يُقال إن اللي بيحب مابيكرهش ويُقال أيضاً ومن الحب ماقتل ، وإذا كانت المقولة الأولى قائمة على التعميم فإن المقولة الثانية وهي موضوعنا اليوم قائمة على الإستثناء ، وحالة الإستثناء عامة في مقولة تكون أقرب إلى الدقة وتعطي مصداقية أكثر
لايوجد وقع أقسى على الحبيب من هجر حبيبه له ، وعلى مقدار الحب يكون إنعكاسه على الحبيب ، وإذا كانت الظروف المهددة للحب أقوى من الحب كان الإستسلام للواقع وقبوله أكثر، فإذا كانت الظروف الإقتصادية أو الإجتماعية هي التي تهدد هذا الحب كان هذا بمثابة تهيئة للحبيب بقبول الأمر الواقع ، والعكس صحيح
في حالتنا الليلة رجل دانت له الدنيا وإبتسمت له وفتحت له أوسع أبوابها ، في وقت بخلت فيه الدنيا أن تفتح على ملايين آخرين ثقب من نور ، فأصبح المليادير رجل العقار الأول يتحول بين يديه تراب الصحراء ليصبح ذهباً ، ونال نصيباً من النجاحات المتتالية جعلته من رجال المال البارزين ، وتزوج من السلطة ووصل إلى أعز ماتملك ، فقارب الرجل على أن يملك الدنيا ، فما يطلبه يحصل عليه ومايقوله يُستمع له ومايأمر به ينفذ ، وكان الرجل سبباً في رزق آلاف آخرين يعملون بمجموعته أو ينتفعون بمشاريعه ، كان رجلا خيّراً يشهد بذلك كثيرين كان لهم من صدقته نصيباً ، وبرغم زواجه من السلطة إلا أنه كان رجل أعمال جاداً ولم تناله ماينال كثيرين من أقوال سوء ولغط بإستثناء بعض الأقوال التي نالت من طريقة حصوله على الأرض الخاصة بآخر وأكبر مشروعاته في الصحراء
ولكن الجميل لايكتمل .. فمر المال بخير ومرت السلطة بخير ولكن كان هناك ثالث ثلاثة ينتظره ليذهب بالأخضر واليابس ألا وهي المرأة .. لم تمر على خير .. والمرأة هنا بالنسبة للرجل ليست أي إمراة والسلام .. ظهرت في لحظة من حياته ولكنها لم تمر مثلما قد تمر به أخريات كثيرات ، فكانت هي بالنسبة له ليست مثل أي إمراة عابرة ، فأصبحت أحد أضلاع الثالوث فذاق معها الحب في وجود السلطة والمال ، أسكرته لوعة الحب فلم يستطع أن يتفهم طبيعة العلاقة من ناحية المرأة ، فهو كان بالنسبة لها محطة يحصل هو على لحظات متعة يكمل بها ثالوثه ، وتحصل هي على المال والأمان ، إتفاق غير معلن تعرفه هي وتدركه جيداً دون أن تنتبه هي لعدم أدراكه بأبعاد هذا الإتفاق فهو لم يكن يوماً من هذا النوع من الرجال ، حصلت على عشرات الملايين مقابل أوهام حب قدمتها راضية في صفقة ناجحة ، وقاربت المحطة على الإنتهاء فكانت مثل العصفور تريد الحرية لتستمتع بما حصلت عليه ، فلا فائدة للمال وأنت داخل سجن فإنطلقت للحرية ، هنا تنبه رجل الأعمال إلى حقيقة العلاقة فإكتشف أنها لم تكن إلا علاقة مصلحة ، وبالرغم من وضوح طبيعة العلاقة إلا أن زيف المال والسلطة حجبا إكتشاف أو إستكشاف طبيعتها الواضحة
حاول الرجل غلق الصفحة وإعتبارها محطة وإنتهت إلا أن نجاحاته الأخرى جعلت ليله نهاراً ، وأصبحت نجاحاته المالية والسلطوية لاتساوي له شيئاً في ظل رفض إمرأة له أغدق عليها من الحب والمال والحنان بكل إخلاص ، توقفت عقارب الساعة عند هذه المرأة ، نصحه المقربون بأن هناك بدلاً منها ألف إمرأة أجمل وأفضل ، إلا أن أحداً لم يستطع منهم فهم سر تمسكه بتلك المرأة بالذات ، وكلما زادت من رفضها له وضيقها منه كلما إزدادت النار في قلبه إشتعالاً ، وبعدما ظهر آخرون أقل منه قدراً وقيمة في حياتها كلما توغلت الغيرة في صدره وزادته حنقاً ، وكلما يختلي بنفسه فيكتشف كيف إستتنزفت تلك المرأة ملايينه برضاه لتستمع بها مع آخرين في وقت أحبها حباً حقيقياً كلما شعر كم كان مغفلاً ، وبدأ يستقرأ نظرات الآخرين كي يتأكد أنه أصبح بالفعل كذلك ، لم تبدو من نظراتهم له مايدل على ذلك ولكنه يستشعر أنهم في أحاديثهم الخاصة وفي قرارة أنفسهم أنهم يدركون
كانت الأنباء تأتيه برفضها وتمنعها بصورة متزايدة عن كل مرة سابقة ، كانت الأنباء تأتيه بعلاقتها مع آخرين ينعمون فيها من ماله ، فارق النوم عينيه وعندما يداعب النوم جفونه في لحظات مسروقة تتحول أحلامه لكوابيس ، كانت تظهر له أحلام قصيرة مفزعة في صورة أشخاص مقربين يتضاحكون ويسخرون منه قائلين العبيط أهوه
وقتها لم تتحمل أعصابه ونفسيته أكثر من ذلك فإما أن يموت كمداً أو أن تختفي هي ، لم يكن هناك فرار من القرار الثاني .. أن تختفي هي تماماً بأي شكل وبأي ثمن ، وجد الشيطان هنا ملعبه المفضل وأي ملعب أفضل له من رجل تظهر عنده غريزة الإنتقام تشجعه عليها سلطات مالية وسياسية تجعله بعيداً كل البعد عن الشبهات ، فتختفي هي ويرتاح هو وتعود ثقته لنفسه ويخرس كل فم يأتي في أحلامه بصورة تسخر منه ، وليعلم الجميع أنه الأقوى ويتذكر المحيطين حوله أن من يضحك أخيراً يضحك كثيراً
كانت الفكرة بسيطة .. يجلس هانئاً في بيته ويقوم رجل يحب المال بكل مايريد وهو نظيف معاف ، تختفي هي فيترك للجميع رسالة غير مباشرة بأن اللعب معه نتيجته ليست سعيدة بالمرة ، فتنقلب لغات الحوار الخاصة الساخرة عنه إلى لغة مهابة ورهبة وهيبة له
تمت العملية ونام هانئاً ورحل الشيطان بعد أن أدى مهمته بنجاح ، أيام وتنقلب الدنيا رأساً على عقب وفي لحظة ينكشف كل شيئ ولم تفلح السلطة ولا المال في حمايته وبدلا من أن يكتمل الثالثوث ، إنهارت السلطة وضاع المال فلا فائدة من السلطة ولا المال وأنت على عتبات حبل المشنقة
ومن الحب ماقتل .. قتل الحبيب وقتل الحبيبة .. وهكذا الحب فكما له جماله وإغوائه له أيضاً لعناته .. متعنا الله بأجمل عاطفة في الوجود وكفانا الله شر لعناتها
**********************
تحديث : حلقة كاملة من البرنامج اللبناني سيرة وإنفتحت مع زافين وأحاديث تليفونية مفاجأة وهامة بين سوزان وهشام طلعت وتهديداته وأخرى بين سوزان تميم ودودو عبد الخالق وسيط الصلح .. شكراً زنوبيا