
مقدمة لابد منها ونحن في معرض الحديث عن مسابقة أربيسك ، وهي لمن لايعرف أول محاولة جدية لإختيار أفضل المدونات العربية السنوية ، تعودنا من قبل أن نعتمد على مسابقة عالمية يتيمة واحدة تقيمُها وكالة الدويتش فيلا الألمانية ، ومن ضمن أقسامها إختيار أفضل مدونة عربية ، لنجد في مسابقة أرابيسك أول محاولة محلية جدية لعمل مسابقة لأفضل المدونات العربية ، قدمت المسابقة نفسها بموقع متخصص ذو تصميم عالي الجودة وشركات داعمة و جوائز مشجعة لمثل هذا الطابع من المسابقات ، ولجنة تحكيم لأشخاص يبدو عليهم حسن الإطلاع والعلم بمعايير التقييم طبقاً للتقديمات التي قدمت لهم المسابقة
تقوم فكرة المسابقة على إختيار أفضل مدونة متخصصة وثاني أفضل مدونة متخصصة ثم أفضل مدونة شخصية ، وهنا تظهر الملاحظة الأولى لماذا البداية بالمدونة المتخصصة وتخصيص جائزتين لها ثم المدونة العامة أو الشخصية ، المعروف أن التخصص يلغي نظرية العمومية ، وبالتالي لايصلح إنتقاء أفضل المدونات العربية كعنوان للمسابقة ، الطبيعي أن تكون أفضل مدونة عامة هو الأساس والجائزة الرئيسية ، وهنا لا أستطيع أن أحيّد تأثير الشركات الراعية
الملاحظة الثانية تتضح مع ظهور نتائج الترشيحات النهائية لأكثر من ألف مدونة تم ترشيحها بمعرفة أصحابها أو أفراد معجبين بمدونات بعينها ، لتظهر القوائم النهائية للمدونات المرشحة من لجنة التحكيم للتصفية النهائية لنكتشف أن المدونات المتخصصة ماهي إلا مدونات تقنية وكأن التخصص لايكون إلا في المدونات التقنية ، وهي من وجهة نظر صاحب الفكرة محمد الساحلي في تدوينة سابقة له قبل نشر المسابقة يرى أن المدونات التقنية ماهي إلا مدونات تنقل لقرائها ماتكتبه المدونات والمواقع العالمية من الأخبار والإصدارات ، ولا يوجد بها مجهود شخصي لأصحابها سوى القدرة على المتابعة والنشر ، وهي بذلك لاتستحق كل تلك الضجة
الأهم من ذلك ... من قال أن المدونات المتخصصه هي مدونات تقنية ؟ أين المدونات المتخصصة السياسية والأدبية والرياضية وغيرها ، علماً بأن أكثر المدونات تخصصاً هي المدونات الأدبية التي تحمل قصائد او شعر أو قصص أو إنطباعات أدبية ، ولكن لأن أغلبية أعضاء لجنة التحكيم يغلب عليهم الإهتمام بالطابع التقني ، لم يروا غيرها في المدونات المرشحة ، فعضو لجنة تحكيم تقني كيف له تذوق مدونة أدبية وتقييمها
ترى لجنة التحكيم أن التصميم الخاص بالموقع شيئ رئيسي في معايير التقييم ، وهذا خطأ فادح ففكرة التدوين أساساً تقوم على حرية التعبير وقيمة المحتوى وطريقة التعبير ، والمواقع العالمية تقدم قوالب جاهزة لكي تسهل على المدوّن فكرة التصميم حيث لايشترط في صاحبها القدرة على التصميم ، ولكن أخواننا المحكمين التقنيين كانت إهتمامتهم بالتصميم عالية جداً على حساب المحتوي ، فنادراً ماتجد مدونة من قوالب جاهزة مثل البلوجر أو غيره مؤهلة ، ولكن غالبية المدونات المرشحة ذات نطاق خاص لصاحبها عمل على جودة التصميم ، إما بقدرته الذاتية أو من خلال مصممين متخصصين من خلال مقابل مادي ، وهو مايفتقر إليه معظم المدونين ، فتظهر نتائج تظلم مدونات أخرى تنعم بمحتوى قيّم وتفتقر إلى تصميمات خلابة ، قد يكون التصميم عامل مساعد أخير في التقييم يأتي بعد مراحل بعيدة جداً عن تقييم جودة المحتوى ، ولكن لايمكن أن يكون معيار أساسي مساو لمعيار قيمة المحتوى
وإذا نظرنا لأشهر المدونات المصرية والتي كان لها أعظم التأثير في الحياة السياسية أو في الشارع المصري ، أو الأدبية بقدرتها على إلتفات دور النشر لها ، أو بقدرتها على إجتذاب قراء ومتابعات الصحافة ، سوف نجد أنها كلها تتمتع بتصميم سيئ غير مريح لإهتمام صاحبها بما هو أهم .. بالمحتوى
كيف يمكن لأعضاء لجنة تحكيم لايمارسوا الحرية في مدوناتهم ويهتمون بالأمور العامة والتقنية ولا يهتمون بالأمور السياسية ، نظراً لوجودهم في أنظمة تقهر أي كتابات سياسية وتضعهم تحت مظلة الخوف والهلع ، تقييم مدونات تهتم بحقوق الإنسان والإنتقادات للأوضاع ، من منهم يستطيع أن ينتقي مدونة جريئة الطرح السياسي لايستطيع أن يمارس هو هذا الحق
نقطة هامة أخرى في طريقة التحكيم ... كل عضو من لجنة التحكيم تم تخصيص مجموعة من المدونات له لمراجعتها ، وغالباً مطلوب منه ترشيح مدونة واحدة او إثنين على أقصى تقدير ، وبالتالي إنت وحظك مع المحكّم ، مع ملاحظة قد تقابل مثلا أربع مدونات جيدة مع أحد المحكّمين لينتقي منها واحدة ، ومحكّم لا توجد لديه مدونة واحدة على مستوى الأربع المدونات لدى المحكم الآخر ، ويختار المحكّم الثاني مدونة لاتستحق ويتم إغفال الثلاثة مدونات الأخرى ، وبالتالي تظهر نتيجة مشوهة لمدونات مؤهلة لاتعبر عن التقييم الحقيقي للمدونات المرشحة
بالنظر إلى نتائج الترشيحات النهائية المؤهلة نظرة سريعة ، سوف تجد في المدونات الشخصية وهي ماتهمني "فلا يهمني الهراء الذي يحدث في المدونات التقنية للأسباب السالف ذكرها" سوف تكتشف أن العشرة مدونات المنتقاه هي عبارة عن خمس مدونات سعودية ومدونتين من الامارات ومثلهما من المغرب وواحدة قطرية ... نعم لا توجد مدونة مصرية ، المدونات المصرية وعددها يفوق المائتين ألف مدونة وتظل نسبتها من المدونات العربية ثلاثين في المائة ، لاتوجد منها ولا مدونة في النتيجة النهائية ، وعندما علم صاحب فكرة المسابقة بوجهة نظري قال أن التقسيم الجغرافي لم يكن في خاطره ويتهكم بأن ذلك دائماً هو نظرية المؤامرة ، والإتهام بنظرية المؤامرة مطروح دائما على المائدة وكفيل في وجهة نظر بعض الناس بردع الطرف الآخر عند الإنتقاد .. لا ياسيدي الإتهام الجاهز بنظرية المؤامرة لا يرهبنا ولا يجدي معنا نفعاً في طرح الرأي الآخر .. هكذا نؤكد في تدويناتنا دائماً
يرى صاحب الفكرة بأن النتائج مفاجأة وغير متوقعة كما كتب في خواطره عن المسابقة " حقيقة أنا أول المتفاجئين بنتائج المسابقة، لكني متفهم للنتائج ، أعرف عدداً من المدونات الشخصية الجيدة جداً، وعددا من المدونات المتخصصة الفريدة، لكنها للأسف لم تتأهل للمرحلة النهائية هذه طبيعة أي مسابقة، هناك دائما إختلاف كبير في الأراء " وهذا شهادة أحييه علي جرأته في طرحها ، ولكنها كفيلة بهدم فكرة المسابقة من أساسها كما أشرت في بداية التدوينة عن فكرة المسابقات طالما أن النتائج لم تظهر مايجمع عليه الأغلبية ، لماذا إذن المسابقة ؟؟ فالغرض من المسابقة ليس إكتشاف المدونات المغمورة أو تلميع مدونات بعينها ، بقدر إظهار نتائج أقرب إلى الدقة تكون مصدراً لباحثين ومحللين ، ولكن نتائج المسابقة تثير الرثاء وأحيانا إلى الغثيان
للتصويت شروط معلنة ولا أدري أحقية صاحب الفكرة دون لجنة التحكيم في التدخل في تغير الأصوات والتصويت ، فبالرغم من إعلانه تغيير نتيجة الأصوات لقائمة المدونات النهائية وهو مُجبر على ذلك حيث سيكتشف المصوتين هذا التغيير ، فنجده يتدخل لحذف تصويتات لمدونات وبعد ذلك يلغي التصويت بالسالب والذي كشف حقيقة النتائج الهزيلة ، فتدخل لتجد مدونة حظها من النقاط سبع تحولت إلى ثلاثة وستون نقطة ومدونة بالسالب أصبح نصيبها عشرة نقاط ، أي عبث هذا الذي يحدث في نتيجة مسابقة يتم الدخول عليها وتغيير أصواتها ، أو إلغاء طريقة التوصيت بعد تنفيذها
صاحب فكرة المسابقة يزيدنا في خواطره فيقول أن فكرة التقسيم الجغرافي لاتهمه ، فتكون النتيجة ثمان مدونات خليجية ( والغريب عدم وجود مدونات كويتية ، والتي أجدها أفضل ثراء من معظم المدونات الخليجية بهامش الحرية التي تكتب به ) ومدونتين مغربيتين .. لا أدري كيف أن التقسيم الجغرافي لايهمه بالرغم من أن المسابقة تتحدث عن المدونات العربية .. أفضل أن تطلق عليها مسابقة المدونات الخليجية فتريحنّا وتريّح نفسك ، أما أفضل المدونات العربية فحظ أفضل لك وللأخوة المحكمين ، وإنسوا المدونات المصرية فلم أجد مدون واحد معجب لا بالمسابقة ولا من نتائجها ... وهي ليست نرجسية فسوف يكون ذلك هو نفس ردة الفعل لو كانت هناك مدونات مصرية مختارة ليست على المستوى المطلوب
بعد هذا كله وتعمدي عدم ذكر أمثلة حتى لا يتشعب الموضوع .. ليس لي إلا أن أقول للأسف مسابقة أرابيسك .. طِلعت أوّت
******************************
تقرير جلوبال فويسس أنلاين