جمال عبد الرحيم .. إقتلوه أو إحرقوه

أن تكون جاهلاً وتحمل خطاب كراهية تحرض به الآخرين فالجهل هنا عذرك وسيصبح تأثيرك محدوداً لإدراك الآخرين بجهلك ، ولكن أن تكون مثقفاً واعياً تنتمي بشكل أو بآخر لفئة التنويرين وتحمل خطاب كراهية وأنت تدري أو لاتدري فتلك مصيبة كبيرة ، فبالرغم من جهلك وأميتك فالآخرين لايدركون إلا أنك شخصاً وصلت مبلغاً من العلم والفكر وبالتالي سيكون تأثير خطابك فيهم أعمق وأقوى وقدرتك على الإقناع أكبر لثقة الآخرين بفكرك ومدى ماوصل به علمك

السيد .. جمال عبد الرحيم .. صحفي مغمور بجريدة الجمهورية ولكن إنتمائه للجريدة وصدور عدة مؤلفات له يضعه في مصاف ذو الفكر والعلم التنويرين لدى طائفة من الناس تجهل الصورة كاملة ، حمل جمال عبد الرحيم في حديثه عن البهائيين خطاب كراهية وعنف وتحريض وتهديد غير مباشر ، وذلك في حواره مع برنامج الحقيقة على قناة دريم ، ولأن الدين دائما هو أسهل الطرق لإلهاب الحماسة عند الآخرين حتى لو كان انتمائهم الفعلي لدينهم لايتعدى قشوره الخارجية إلا أن الجميع على إستعداد للحماسة والغيرة على الدين ، فالدين عند الناس مثل الشرف والعرض يلهب الغيرة ويعمي البصيرة كثيراً عن الحقيقة ، ومالفتنة الطائفية والإحتقان إلا نتاج هذه الغيرة الغير واعية على الدين ، لذلك أسهل شيئ لإثارة حماسة الآخرين هو اللعب على وتر الدين في بلاد يمثل الدين فيها جزء كبير من البناء الفكري

وهذا ما إستخدمه الصحفي في البرنامج فبدلا من عرض وجهة نظره تجاه دين آخر مفنداً له وترك القناعة النهائية للمشاهد بعد سماع الطرفين مثلما حدث مع آخرين من رموز الدين الإسلامي والمسيحي في حلقات سابقة ، حملت رسالته خطاب كراهية وعدوانية مدعومة بمعلومات كاذبة وإتهامات بالردة والتبشير ، فلم يترك للمشاهد مساحة للقناعة الخاصة بعدما لعب على الوتر الحساس الذي غالبا مايلغي العقل ويلهب الحماسة في الغيرة على الدين ، وهو ماحدث بعدما تم حرق منازل مجموعة من البهائيين تأثراً بخطابه العدواني الذي يلغي الآخر ولايعترف به ، فأصبح جمال عبد الرحيم في نظر من قاموا بذلك رسول هداية يوزع صكوك الغفران فهذا مؤمن وهذا مرتد يصدر عليه الأحكام بالقتل ، وهو مظهر أخر من مظاهر الفوضى التي تعم البلاد في مجالات عدة

ومن الغريب أن خطابه حمل تأثيراً لأشخاص في مواقع مسئولة يفترض بها أن تتمتع بالحكمة والفطنة فأمين شباب الحزب الوطني بالشورانية يعلق على تدوينته "مغالطات زعيمة البهائية" ( ملحوظة .. تم حذف التدوينة ) قائلاً

أرجو من سيادتكم التكرم بنشر الحقيقه أنه تم طرد جميع البهائيون من القريه ، وتم ضربهم وحرق منازلهم ، وهم من الأساس مايقرب من ثلاثه أسر وعددهم 15 فرد بما فيهم الأطفال الرضع

وهذا الإقرار في التعليق يحمل موافقة ضمنية أو سعادة بالنتيجة التي تحققت ، ليثبت لنا أننا مازلنا نحتاج إلى عهود كثيرة حتى ينمو الوعي بين الناس ليدركوا مفهوم المواطنة وتقبل الآخر

ومن الطريف أن بروفايل السيد جمال عبد الرحيم يحمل في طياته وفي خانة الإهتمامات المواطنة وحقوق الإنسان والصالح العام وهو آخر شخص تتحقق فيه هذه الإهتمامات ، كما يخبرنا في كلماته التعريفية عنه بمنهى العبث أن له مؤلفات في إذدراء الأديان

لقد كتبت عن البهائية مسبقاً تدوينة بعنوان البهائية مالها وماعليها مفنداً إياها ، وقلت أني لا أؤمن بأن البهائية دين سماوي ولكن في تحليل متوازن أشاد به معلقين بهائيين قبل آخرين ، ولكن ماقام به السيد جمال ماهو إلا خطاب كراهية وتحريض يحمل مغالطات وإتهامات باطلة غير حقيقية يثير بلبلة لا تقبل به أي شريعة أو طائفة دينية

وعنوان التدوينة هو دعوة غير حقيقة كتبتها خصيصاً لتوضيح كيف يكون خطاب التحريض والدعوة إلى العنف وهو ما لايدخل في نطاق حرية الرأي والتعبير