Friday, July 06, 2007

بحر الحياة


بحر الحياة



® Copyright Reserved
© Photo Copyright : Ahmed Shokeir


قبل بضعة أيام كان قد أتم عامه العاشر وهو في طريقه للبحر لأول مرة ، هكذا أخبرته والدته إسمه .. شاهد مياه صافية زرقاء مع بعض الموجات البيضاء الخفيفة مثل لون الراية التي ترفرف على الساري تطفي علي البحر روح الحياة التي لم يشعر بوجودها في حمام سباحة النادي ، بسرعة خلع والديه ملابسهما عنهما ليظهرا بملابس البحر ويستعدان لخوض المياه في فرح ومرح بطريقة تدل على إعتيادهما التعامل معه .. لايدري لماذا كان يهابه بالرغم من أن جميع من بداخله أو على الشاطئ يبدو عليهم التعود على التعامل معه ... لم تكن لديه الجرأة على أن تلمس قدميه المياه حتى إقترب والديه منه وأمسكا بيديه لتلمس قدميه المياه للمرة الأولى .. كان الأحساس جميلا ، ترك يدا والديه وأخذ يرنو ويبتعد عن المياه عدواً مصدراً أصوات ضحكات عالية تتناسب مع حجم المياه التي تناثرت من دفعات قدميه

في اليوم التالي لم يكتفي بحركة قدميه بالماء ، بهدوء وحذر أخذ يسير رويداً داخل المياه الصافية يتقدم خطوتين ثم يعود خطوة ولاينسى أن ينظر لوالديه على الشاطئ وهما يتابعانه بسعادة تعطيه مزيداً من الجرأة على التقدم .. نظر بجانبه كان هناك أقرانه يكبرنه بأعوام قليلة يلهون قفزاً ولعباً في المياه ، نظر للداخل وجد أناس آخرين يكبرنه بأعمار مختلفة ، منهم من هم في عمر والديه على مسافات مختلفة داخل المياه ولكن على وجهوهم جدية لاتنم عن إستمتاع حقيقي ، كان سعيداً باللعب في المياه وعلى التقدم الذي وصل إليه ولكن شعوراً جديداً لايدري ماهو بدأ يظهر عليه تجاه هذا البحر ، شاهد شيئا ً قرر أن ينفذه في اليوم التالي

كان يرقب والديه على الشاطئ من داخل المياه القريبة حتى ظهر ماكان ينتظره ، إنه بائع العوامات خرج سريعاً من المياه يطلب من والد أن يشترى له عوامة مثل التي مع أقرانه أصر على أن تكون عليها صورة سوبرمان ، أسعده العوم في المياه مع العوامة التي كان يشعر انها اصبحت واحة الامان له في هذا البحر الهادئ ومع بداية أول موجة قوية نسبياً كان وجهة في القاع يشرب الماء المالح بينما جسده إلى أعلى مع العوامة ، يومها أدرك أن العوامة ماهي إلا حماية كاذبة لاتستطيع أن تقف أمام الأمواج ، شجعته فتاه أمامه كانت تبدو أنها تعلم فنون السباحة جيداً على الدخول للداخل بضع خطوات حتى وصلت المياه إلى منتصف بطنه ، كان سعيدا بهذا الإنجاز وخصوصا أن المياه في تلك المنطقة كانت أكثر هدؤاً من المنطقة القريبة من الشاطئ جعلته يستمتع أكثر بالمياه ولم ينسى أن ينظر لوالديه الجالسين على الشاطئ فوجدهما كالمعتاد يتابعانه ، وهو ينظر إليهما حاول الدخول أكثر ولكنه وجد والده يهب واقفاً طالباً منه ًالعودة الى المنطقة الأولى ..شعر وقتها أن البحر ليس دائماً آمناً ، عاد بالقرب من الشاطئ ينظر للفتاة بعين آسفة

أخذ يلف في مياه البحر دورات كاملة سريعة متتالية لينتظر بعدها ثوان حتى تذهب عنه الدوخة فيجد نفسه داخل المياه في عمق أكبر وأمواج عنيفة متعاقبة ، ولكن الغريب أن رجليه أصبحتا أطول وأقوى وظهر الشعر في صدره وظهر له شارب ثقيل ، نظر إلى من حوله وجد رجالاً ونساء كبار بأعداد كبيرة جماعات وفرادى لم يلحظهم سابقاً ، منهم من يصارع الأمواج ومنهم من يجيد السباحة بقدرة عالية ومنهم مازال يحتمى بعوامة واهية ، أحدهم على وشك الغرق يساعده البعض .. والآخر يشاهد ولايشارك .. والغالبية لاتهتم وكأن المشهد أصبح معتاداً لديهم ، نظر إلى الشاطئ الذي بدا له بعيداً وقد إزداد إزدحاماً وضجيجاً ، بصعوبة إستطاع أن يجد الشمسية بألوانها المميزة ولكن لم يجد والديه ، كانت إمراة أخرى تنظر إليه وتحييه ومعها طفل يبدو أنه في العاشرة ، نظر أعلاها وجد الساري يحمل الراية ولكنها تبدلت إلى السوداء ، آثر أن يأخذ راحة بسيطة من التعامل مع الأمواج التي أنهكته ، فوجد الأمواج تسحبه بسلاسة للجانب والداخل حتى كادت تختفي المرأة والطفل بعيداً عن الأنظار ، منعه خجله في البداية من طلب المعونة من هذا الرجل القوي الذي يجيد السباحة بجانبه حتى إشتدت الأمواج وعندما طلبها قوبل طلبه بإستهزاء مخبرا إياه أن تلك المنطقة مخصصة لمن يجيد فن السباحة ، حتى الغواص المسئول عن إنقاذ السابحين إكتفى بإطلاق الصفافير طالباً منه الخروج ، كانت نظرات المرأة على الشاطئ تبعث له بقوة خاصة تدفعه نحو الشاطئ بينما كانت هناك يداً أخرى ممدودة له تدفعه إلى الشاطئ وكُلما يحاول أن يرى صاحبها كان يلاحظ تعمده إخفاء نفسه

على الشاطئ كانت تهدئ المرأة من روعه ، حتى إسترد قواه فأخبرها أن السباحة أصبحت صعبة وغير ممتعة مثل الماضي طالباً منها الذهاب لمنزله .... ضحكت المرأة وقالت له " ياريت ... لازم تنزل تاني .. طالما إحنا هنا يبقى لازم تنزل ... كان نفسي أنزل معاك بس إنت اللي مش راضي " نظر لها بذهول ورفع رأسه ليجد الغواص مازال كالعادة جالساً أعلى الساري لا يتحرك من مكانه ، مُطلقاً صفيراً متصلا يعلو على صوت سارينة سيارة الإسعاف وهي تحمل أحد الغرقى وتذهب بعيداً
--------------------------------------

للتبسيط إذا إحتاج الأمر ... هذا الرابط

--------------------------------------

وحي القصة


Click to activate controls

16 comments:

  1. أنا مفهمتش آخر فقرة :D

    ReplyDelete
  2. waves of life slap us at the face
    we spin and spin in the whirlpool of life

    we drown..we revive ..we take on last breath..but we have to go on!

    they hoist the black flag
    and hardly no way back

    the shelter is gone...and you'd create a new one for others.. but you'll remain without protection

    but a warm hand.. an encouraging word.. may do to pursue..pursue life! :)

    ReplyDelete
  3. فينك من زمان ياعم


    مش عارفة ابتدي منين ؟؟

    عجبني جدا الجزء الذي فهم منه أن العوامة هي مجرد حماية كاذبة

    والانتقال الزمني ايضاً اعجبني
    وخاصة وهو ينظر للشاطئ ملتمساً الدعم المعنوي من والديه فلم يجدهما تحت الشمسية ولكن وجد تحت الشمسية المالوفة له زوجته وابنه في نفس عمره تقريبا عندما بدا يتعلم العوم.

    الجزء الأخير فيه غموض ولكني فهمت منه أنه طالما هو على قيد الحياة فلابد ان يصارع أمواج الحياة

    القصة جميلة ولكن الجزء الأخير غامض

    ReplyDelete
  4. بجد تعبيرك رائع جدا عن دوامة الحياه وامواجها

    فعلا الحياه زى البحر ساعات بتمر بمراحل استقرار وكتير بتمر بامواج ومشاكل

    انا فهمت آخر جزء على ان الشخص الغري ده مجرد واحد تاه فى الحياه لانه مقدرش يقاوم الامواج وغرق

    سلام

    ReplyDelete
  5. الله الله الله
    جميله جدا
    فسحتنى فى البحر وفى عمر البطل
    وفى احداث القصه احذتنى من واقعى لتبعثرنى على اطراف حروف قصتك الجميله باسلوبك الشيق الممتع والجميل
    تحياتى

    ReplyDelete
  6. جميلة جدا يا استاذ احمد
    بجد الله عليك
    تشبيه عناصر الحياه كلها بالناس اللي في الشاطىء والانتقال الزمني الرائع والامواج المتلاطمة في الحياة وواجب المسؤوليه كله جميل جميل
    صورة رائعة بجد

    تحياتي ليك
    محمد سمير

    ReplyDelete
  7. السلام عليم ورحمة الله وبركاته

    طول ما الانسان عايش هايفضل يصارع في امواج بحر الحياة

    عجبتني جدا التشبيهات الاسقاطات الموجوده داخل الحكايه

    وترتيب مراحل حياة الانسان ، و وصف اللذه والفرحه عند اكتشاف كل جديد في الصغر وبعد ما يصبح هذا الجديد عادي في حياتنا تختفي هذه اللذه وتذوب الفرحه

    واكتر حاجه اثرت في هو عدم نسيانك لوجود الله الدائم في حياتنا
    ينقذنا وقت الشدائد ويوجهنا الي الصواب دائما

    بينما كانت هناك يداً أخرى ممدودة له تدفعه إلى الشاطئ وكُلما يحاول أن يرى صاحبها كان يلاحظ تعمده إخفاء نفسه


    بس اللي حطيت جمبه علامة استفهام كبيره هو ليه مش عاوز زوجته تساعده في مواجهة ضغوط الحياه ؟؟؟؟؟
    هل يشفق عليها من الصعوبات التي ستواجهها ام انه لا يثق في قدرتها علي العوم في بحر الحياه بنجاح

    ReplyDelete
  8. واحشنى والله

    بجد تحفة كالعادة طبعا عجبتنى السحبه بتاعت العمر مرة واحدىة كبر وهو فى الميه

    تحفة يا ريس

    ReplyDelete
  9. حلو قوي يا احمد

    اكتر جزء عجبني بتاع العوامه
    فعلا كتبر بنلتمس الامان فى اشياء و تتضح انها السبب قر اذيتنا

    ReplyDelete
  10. رائعة جدا

    يعجبنى كثيراً اسلوبك

    لما فيه من اسقاطات غير مباشرة على جميع الاحوال الواقعية

    تحياتي عزيزي

    ReplyDelete
  11. القصه جميله ، وبها من الرموز التي توحي بسهوله الي المعني المقصود ، كما أنها كتبت بعنايه فائقه وبلغه بسيطه خاليه من التعقيد ، وتتابعت الأفكار بسلاسه تجعل القاريء يتنقل من مرحله الي أخري تدريجيا دون قفز متعمد يجعلنا نلاحق الأزمنه دون أن نتبين المراحل العمريه التي يمر بها الأنسان في الحياه ، بدايه من سن العاشره وهو مرحله الأنتقال من الطفوله الي المراهقه ، بدايه البحث والأكتشاف والرغبه في التمرد والأستقلال بعيدا عن الأبوين ، ومرحله ايضا الامبالاه أو عدم الفهم الجيد لمسؤليات الحياه ، فنحن في بلادنا العربيه نعيش في كنف والدينا ورعايتهم طوال سنوات عمرنا وحتي تخرجنا من الجامعه ، وأيضا حتي أذا لم نجد عملا يضمن لنا الأستقلال المادي الذي يجعلنا نعتمد به علي أنفسنا ، وبعد مرحله العمل والأستقلال ، والزواج وأنجاب الأولاد ودخول معترك الحياه القاسي ، نبدا نشعر بالتغير الكلي في حياتنا ونكبر ونحمل هموم الدنيا كلها قبل الأوان ، ونتذكر كيف أننا عشنا حياه مليئه بالتدليل في ظل والدينا حتي ولم تكن أحوالهم الماديه أوفر حظا منا ؟، ، فنعيش في دوامه لامتناهيه تغرقنا فيها ، فنتمني أن نعود أطفالا وتعيد لنا الدنيا أبوينا الا أن ما نتمناه هو من رابع المستحيلات ، وتطحننا الدنيا دون هواده في صرعات عمل ،والبحث عن لقمه العيش والمحافظه عليها من أجل الوفاء بالتزماتنا ناحيه الجيل الجديد من اولادنا ، ونشيب ونهرم ونختفي من الدنيا كما أختفي والدينا من قبل
    (((تلك هي سنه الحياه ))) احيانا
    أسال نفسي الي متي سأظل أدور في تلك الساقيه معصوبه العينين دون أن أعيش حياتي ولو لأيام قليه ، دون أن أفكر أذا تركت عملي من سيحمل مسؤليه ما أحمله ويتكفل به كي أستريح ؟ ، ومتي سأشعر أنني كائن حي يعيش ليري الحياه كما يحب أن يراها ودون أن ألف في الساقيه معصوبه العينين ؟.

    فعلا القصه رائعه
    الاأنني أعيب عليك وجود رابط لتوضيحها ، فقد أغلقت علي القراء باب الأجتهاد كما يرونها من منظورهم الشخصي ؟ ومنذ متي يا استاذي الذي أعتز بكتاباته كثيرا خاصه في القصه القصيره ، يشرح الأديب معني ماكتبه للقراء ، وبالكتابه ايضا ، أتعلم ياعزيزي لقد ذكرتني بكتب سلاح التلميذ والمنجد والمنقذ ، ولا أعلم هل مازالت تلك الكتب موجوده في مصر أم لا ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    مع تحياتي وأحترامي

    ReplyDelete
  12. بالرغم من بساطة الفكرة و تفهمنا لها و تعاملنا مع طبيعة الحياة لدرجة البديهيات .. الا ان تناولك ليها بجد جاء رائع .. عميق و مُعبر قوي .. و مع ذلك بسيط و سلس .. تسلم ايديك يا باشمهندس ..

    ما تبقاش تحرمنا من الحاجات الحلوة دي .. بجد بتقدر تعمل اثراء للأفكار البسيطه بطريقتك يا احمد .. تحياتي

    ReplyDelete
  13. انا بحب الحكاسات اللي مش بتتفهم بسهولة و الصورة دي اجمد من التانية معبرة اكتر

    ReplyDelete
  14. عجبني التسلسل اللي عامل زي فتلة ملضومة في اختها
    مش شايف العقدة ما ينهم لكن احساس الترابط رائع

    النقلة الزمنية حلوة اوي
    لانها مرتبطة بالبحر و سلسة

    بس سؤال ليه حاطط لينك للتفسير
    مش المفروض نفكر و نسال ؟؟؟
    سعيد بك يا احمد

    ReplyDelete
  15. مش عارفه بجد اقولك ايه؟؟

    انا كنت جايه اعلق على البوست اللى بعده الىل هوا الاجدد

    بس بجد ما قدرتش اقاوم ابوست دا

    انا فعلا مش لاقيه اى تلعيق اقوله
    غير انى بجد شم هنسى ابدا البوست دا

    بجد انت مش متخيل فرق معايا اد ايه

    شكرا ليك جدا جدا بجد

    :)

    ReplyDelete