Tuesday, February 23, 2010

لماذا البرادعي .. !؟




تأخرت طائرة البرادعي عن الوصول ساعتين عن الموعد المحدد لها سابقاً، وبدأ التململ يظهرعلى وجوه البعض شوقاً لرؤية البرادعي لتوصيل رسالة تأييد له ، كانت أم ومعها طفلتها عندما سألت الطفلة والدتها .. ماما .. ماما هو جدو البرادعي هاييجي إمتى ؟ أجابت الأم بصوت هامس ونظرها معلق على باب صالة الوصول إصبري ياحبيبتي فات الكتير مابقى إلا القليل، سمعها أحد الحاضرين وأرسلها لتنشر على حائط جروب البرادعي على الفيس بوك

لاشك أن تلك المرأة كانت تجيب على نفسها أكثر مما تجيب على طفلتها التي على مايبدو أنها لن تفهم ردها ، فات الكتير مابقى إلا القليل، الأم تصبر نفسها بمعنى قريب على وصول الطائرة وبمعنى بعيد يعبر عن إنتظار دام ثلاثون عاماً لم يبقى منه إلا شهور

هذا هو الأمل .. في عام 2005 ظهر هذا الأمل خائفاً ضعيفاً في فترة الإنتخابات الرئاسية السابقة وسرعان مازاد قليلاً وتدريجياً مع ظهور تأييد شبابي لأيمن نور ، تأكد معه البعض بعد ظهور النتيجة أنه لم يكن إلا سراباً، أمل سرعان ماتم وأده مع حقيقة إستحالة التغيير وفقدنا الأمل .. ومع مرور السنوات زادت الإحباطات ونما اليأس في التغيير بشكل فعّال فلم يظهر جواد جديد يحمل رياح التغيير، وتم حرق جميع من يمكن أن تظهر لديه بوادر أمل في التغيير على المسرح السياسي، وتمر السنوات ويضيق الوقت وتقترب أيام إنتخابات رئاسية جديدة غامضة في مرشحها وإن لم تكن غامضة في أن من سيفوز بها سوف يكون واحد من آل مبارك، حيث كل الشواهد تدل على ذلك فلا تعديل لمادة من له حق الترشيح في الدستور ، ولا مرشح بديل يصلح ، وكل من تتوافر فيهم الترشيحات لايحظوا بقبول كافي لدفع الأمل

يموت الأمل وتحترق القلوب كمداً في توقع إستمرار هذا الملل لستة سنوات أخرى ، ملل وجمود سياسي وفوضى سلطة تنفيذية وفساد وفقر ومحسوبية ورشاوي وإستغلال نفوذ وإنعدام شفافية ووجوه كالحة سميكة الجلد لاهم لها إلا تمجيد الحاكم أولاً والشعب لايأتي حتى ثانياً

وبينما الشعب يزفر آخر نفس أمل ، يظهر البرادعي على الساحة ، صرح البرادعي يوماً ما في شهر نوفمبر على قناة السي إن إن رداً على سؤال عابر عن إمكانية ترشيح نفسه لرئاسة مصر، وكانت إجابته تشمل معنى ولِم لا !؟ إستقيظ الشعب فجأة من غفوته وتسائل معه ولِم لا !؟ ولكن كيف ؟ كان هناك سبّاقون ثائرون لم يتسائلوا مثل الآخرين كيف، ولكنهم أعطوا تصريحه دفعة قوية بدعمه وتأييده وإنتشرت عدواهم إلى آخرين ولكن على إستحياء

لجأت السلطة وقتها إلى طريقتها التقليدية الدائمة في حرق الجواد الجديد الذي جاء على غير توقع من خلال الصحف القومية بمقالات نقدية تنتهك وتنهش في الرجل، ولكن سرعان ماتحولت تلك المقالات إلى كاريكاتيرات يتندر بها الناس على هؤلاء الكتبة الجهلة الذين لم يحسبوا حسابا لكلامهم، بل ولم يهتموا حتى بأن يتقنوا مقالات إنتقادتهم للرجل، فقدموا له هدية إنتشار له نتيجة مقالات أخرى تعلق على سذاجة هجومهم وشخصنته، فإزداد الحوارعلى الرجل وبدأ إسمه يرن في الآذان وإمكانية ترشحه تتناقلها الأفواه

ويبدو أن السلطة أدركت خطأها في التعامل مع الوافد الجديد فلجأت لوسيلة أخرى وهي التجاهل التام وتمارسها حتى الآن لعلّ ماتعتقده ظاهرة سوف تأخذ وقتها وتقتل نفسها بنفسها سريعاً، ولكن يبدو أن البرادعي قد إزداد قوة نتيجة الشحنة المعنوية التي وجدها في الإستقبال الحار له في المطار، أو الإحتفاء به بتناقل أخباره عقب وصوله وصراع الفضائيات لإستضافته، مما كان له عظيم الأثر في نفوس آخرين كانوا متشككين في عودة الأمل، ولكنهم سرعان ماأعادوا النظر في رأيهم، ولكن يظل هناك كثيرين جداً بعيدين .. بعيدين عن الحس السياسي والحياة السياسية لايهتمون ولايطرقون بالاً لما يحدث، وهم قوة لايستهان بها ولكنها تظهر في اللحظات الأخيرة فتهز الجبال ، جماهير فقط تنتظر أن تتأكد وتتيقن بنسبة كبيرة أن هناك تغيير يحدث وقتها سوف يحدث الزلزال

هذه النوعية من الجماهير هي نفسها من نفس العينة التي عرضها التقرير المحرج للبرادعي في العاشرة مساء، عندما إستطلع أراء بعض الناس البسطاء بسؤال هل تعرفون البرادعي !؟ فأجاب أحدهم أنه يعتقد أنه شخص حاصل على شهادة الأيزو، وأخرى تقول أنه بتاع الكنابل، وثالث يقول طبعا أعرفه هو عبد الله غيث ، وهو يقصد مسلسل شهير شارك فيه الممثل الراحل كانت فيه إحدى الشخصيات المحورية تحمل إسم البرادعي، وبالرغم من أن تلك الشخصيات البسيطة التي إستضافها التقرير هي أكثر من يحتاج للتغيير، إلا أن تهميشهم وإبعادهم عن الحياة السياسية وجعل السياسة بالنسبة لهم مرادفاً للأمن والسجن والإعتقال جعلهم ينأون كاملا عن تنمية وعيهم السياسي، وإذا كان التقرير يبدو ظاهره أنه مُحرج للبرادعي إلا أنه أكثر مايدين السلطة نفسها وبشكل آخر يدعم البرادعي بعرض نماذج من البشر أفقدتهم حكومتهم وعيهم السياسي ليصير لها الملعب وحدها تعثوا فيه كما تريد

جاء البرادعي مسلحاً بالأرقام والمعلومات عن المشاكل التي تعاني منها مصر، فيقضي على كل قول بأنه بعيد عن مشاكلنا ومعه روشتة عامة في العلاج بإصلاح سياسي يبدأ بإصلاح دستوري معيب ومهلهل على حد قوله، وبتوضيح أن نواب الشعب لايمثلون الشعب تمثيلاً حقيقياً وأنهم نتاج إنتخابات مزيفة وغير حرة، وأوضح البرادعي بأن المهمة ليست بالهينة وتحتاج لدعم شعبي وهو مازال يتحسس إمكانية ذلك حتى لايصاب بالخذلان

ومن ينظر إلى مطالب البرادعي يجدها ليست بالجديدة، فنحن ننادي ليلاً ونهاراً بإصلاح التعليم ليحدث التقدم ونطالب بالحرية والديمقراطية ليحدث التطور ونطالب بإصلاح دستوري لتنطلق الديمقراطية ، تلك مطالب أي شخص عادي حتى من له جانب قليل من الإطلاع يستطيع أن يطالب بذلك .. إذن فما الجديد في البرادعي !؟.. الجديد هو البرادعي نفسه فمن يطالب بذلك دائماً تطاله ألسنة الإتهامات والتشكيك فيحترق قبل أن ينتهي من تلفظ مطالباته، وينصرف عنه الناس في لحظات .. الجديد في البرادعي أنه حتى لو طالته بعض الإتهامات فلن تنال منه فهو نظيف لم تشوبه أي عمليات تشويه، الجديد في البرادعي أنه ليس مرهونا على تيار سياسي معين فلايمكن تحزيب إتجاهاته، وأهم مافي المرشح الرئاسي في وقتنا الحالي أن يكون توافقي ترضى عنه التيارات المختلفة .. لذلك البرادعي هو الرجل المناسب الذي نتمنى أن يكون في الوقت المناسب وإلا تاه منا الأمل مرة أخرى ، وقد علمتنا الحياة أن كثرة فقدان الأمل لا تولد إلا اليأس

إنتزعوا الأمل من براثن الملل قبل أن يفترسه وتصبحوا على مافعلتم نادمين

14 comments:

  1. وان كنت انا شايف ان الكلام فى ترشح البرادعى جيد من حيث فقط انه حجر فى الماء الراكد اما البرادعى كشخصية وبرنامج فانا لا اعرفه ولا اعرف ماذا سيقدم واشك انه قد يكون ضمن مخطط سياسة تكسير الموجه وللتنفيث من ثقب ضيق حتى لا تنفجر الاوضاع

    ReplyDelete
  2. أزيك يا استاذ أحمد

    وحشتنا جدا و مفتقدينك

    انت من الناس القلائل اللى بستنى رايهم فى بعض الاحداث الجارية و كالعادة لم تخذلنى

    احييك على آخر فقرة
    لأنها لخصت الوضع

    الناس اليائسة تتعلق بالأمل الوحيد المتماسك

    و الامل نفسه اشبه بسراب
    لأن صاحب الامل معندوش الثقة فى نفسه و لا فى اللى حواليه و لا فى بكرة

    يمكن يكون شايف اللى غيره مش شايفه؟؟
    يمكن ظ

    و يمكن يطلع أقل قوى من احلام الناس
    برضو يمكن

    لكن الملخص
    ان انتظار الامل طويلا
    بيؤدى لليأس الشديد
    زى انت ما قولت

    يسلم لسانك اللى قال
    اللى لمس ما فى قلوبنا
    بمنتهى البساطة
    و عبر عنه

    مش بقولك كنت واحشنا ؟؟؟

    ReplyDelete
  3. اعتقد ان التقرير الذي اذيع في العاشرة مساء جاء مستفزا لمؤيديه اكثر منه محبطا للبرادعي. فلقد أظهر الرجل قدر من التفهم يبعث على احترامه حيث قال انه يجد طبيعيا ألا يعرفه هؤلاء في ظل الحالة العامة البائسة التي يعيشونها بل والتمس لهم العذر الذي نعرفه جميعا وهو نجاح الحكومة في إقصاء المواطنين قدر الإمكان عن الحياة السياسية حتى تخلو لهم تماما ساحة العبث بكل شئ في هذا الوطن! وهل تظن ان المستوى المتدني للتعليم في مصر ليس جزءا من استراتيجية الحكومة من اجل تحقيق نفس الهدف؟! والحق يقال ان الحكومة برعت في اظهار تفوقها الساحق في تحقيق هذه الأهداف حتى أصبح الشعب أشبه بذيل البرص الذي تم بتره فأصبح لاحول له ولا قوة ولكنه لايزال يتحرك وكأنه حي! وفي الحقيقة هي حركة لا إرادية وعشوائية لا معنى لها ولا تدل على وجود أي نوع من الحياة في هذا الكائن

    ReplyDelete
  4. ليست يائساً . . ولكن فعلاً لماذا البرادعى

    ReplyDelete
  5. أعجبني العنوان: لماذا البرادعي؟

    البرادعي يذكرني بالهدف الذي يحرزه الفريق المهزوم في الوقت بدل الضائع .. فتكون الفرحة به كبيرة وعارمة وطاغية بسبب حالة اليأس التي كان عليها الفريق المهزوم قبل إحراز الهدف مباشرة

    وهكذا نحن .. ففي أقصى لحظات اليأس واقتراب نهاية المدة الزمنية الممكنة لعمل أي شيء اصلاحي .. يأتي الأمل في اللحظات الأخيرة متمثلا في البرادعي على أحسن ما يكون بل وعلى عكس كل توقعات النظام الحاكم الذي أصيب بالإرتباك الشديد ولا يدري كيف يمكنه التخلص من البرادعي؟ فأي تجنى أو تلفيق أو حتى إقصاء بدني سيكون مفضوحا تماما

    فلنتف جميعا حول الأمل .. ولنتمسك به لآخر لحظة

    ReplyDelete
  6. على ما أذكر انت كنت كاتب من كام شهر كلام محبط جدا عن البرادعي، يهمني أعرف ايه اللي غير موقفك عشان أستخدمه مع البشر اللي بحاول اقنعهم في الشارع

    ReplyDelete
  7. والله يااحمد الراجل عامل زي طوق النجاه مش مهم يترشح ولا لا

    المهم التاثير والامل اللي اداه للشباب الشباب فعلا بدا يقوق بسبب الراجل ده
    احنا ادامنا مشوار طويل جدا وتقيل

    ReplyDelete
  8. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  9. بصراحه تحليل حلوااوى يا استاذ احمد
    وبجد انا برضو استغربت ان فى ناس فى المطار انتظرت الراجل ده اكتر من 3 ساعات بايمان وصبر ويقين انه ممكن يكون الحلم المنتظر لملايين المصريين اللى هد دماغهم حكم مبارك وخلاهم اهم حاجه عندهم انهم يستنوا الفريق القومى وهو راجع او اللى كل همها لقمه العيش
    يعنى لسه فى ناس واعيه وناس عارفه
    ان لسه العيشه الكريمه ممكنه

    ReplyDelete
  10. hi, Ahmad
    i want to write also my opinion in this case:
    some wrote that they dont know Baradeai, evry body in the world know baradeai but the egyptions not (?)
    Egypt have a long time military rulers never a political one . i hope u can understand my bad english
    Nagdi

    ReplyDelete
  11. لماذا البرادعي
    ؟؟
    اﻻجابه بسيطه جدا عاوزين البعيد يغور برادعي عبد السﻻم المهم شخص قادم معاه التغير الحقيقي الي احنا عاوزينه خﻻص زهقنا من وشه العكر يارربارحمنا منه وريحنا بقى

    ReplyDelete
  12. بصراحه تحليل حلوااوى يا استاذ احمد

    ReplyDelete
  13. This comment has been removed by the author.

    ReplyDelete
  14. قبل كل ده، مازال الناس بتسأل، هو البرادعي ده كان عايش بره مصر، يعرف ايه عن مصر؟
    و ماحدش سأل: مبارك اهو عايش جوه مصر، يعرف ايه عن مصر؟

    ReplyDelete