بعوضة هلسنكي

بعوضة هلسنكي

قد يصيبك سوء الحظ وتستيقظ مبكراً فلا تجد سيارتك في مكانها ثم تكتشف سرقتها ، أمر وارد ... ويظل إحتمال إستعادتها أمل مشكوك كثيراً في تحقيقه ، وقد يبتسم لك الحظ فتظهر السيارة في مكان ما ، في تلك الحالة يتم إنها إجراءت محضر السرقة الذي حررته وتقيدها الشرطة ضد مجهول وتذهب لحال سبيلك حامداً شاكراً ربك ، هذا في مصر ولكن في هلسنكي الوضع مختلف ، الشرطة لم تكتفي بإكتشاف السيارة في يونيو الماضي بالقرب من محطة قطارات تبعد عشرين كيلومتراً عن مكان سرقتها وتغلق القضية ، كان همها منذ ذلك الوقت معرفة السارق

تم تفتيش السيارة بالكامل بمعرفة رجال المعمل الجنائي للوصول إلى أي خيط يدل على سارق السيارة ، لم يكن هناك شيئ يذكر لا آثار ولا بصمات ولا أي متعلقات بالسارق ، ولكن أحدهم لاحظ وجود بعوضة ميته ، لم يغفلها ... أرسل البعوضة للمعامل لتحليل الحمض النووي ، وتبين أن البعوضة قد إمتصت دما آدمي ، تم الكشف عن الحمض النووي للدم الآدمي وتمت مقارنته بالحمض النووي للمشتبه بهم في سرقة السيارات من سجلاتهم ، فتطابقت مع أحدهم وتم رفع التقرير للنائب العام لتحديد ما إذا كانت قرينة كافية لتوجيه الإتهام بعد ستة أشهر

إيه ده .. إيه الرفاهية دي .. ؟؟ ماهذا الإسلوب العلمي وهذا الصبر الكبير والبعيد كل البعد عن سياستنا في الكشف على الجاني ، عندنا يكفي وجود مشتبه به ليتم سحله والتنكيل به (وترويقه) حتى يقوم بالإعتراف سواء عن حق أو تحت وطأة العنف

في قضية مقتل إبنة ليلى غفران تكتشف معاينة متسرعة مرتجلة ونقاط دم شوية هنا وشوية هناك ، وملابس داخلية وشنطة وأدوات جريمة ، وشخص يتحفظ على حقيبة من موقع الجريمة دون علم النيابة ويظهر لاحقاً وبها نقاط دم ، ثم حمض نووي لجلد المجني عليه تحت أظفر الضحية ، ثم تكتشف أن المتهم لا يوجد به أي آثار خدوش ، عك وأسلوب إرتجالي وغياب للاسلوب العلمي ، ولا أحد يدري هل قام فرد أو أكثر بالجريمة ، بالرغم من توافر أثار عدة تستطيع أن تكشف عن خبايا كثيرة

هناك يتم القبض على الجاني ومواجهته بالإتهام في آخر خطوة وفي نهاية المشوار بعد تقديم جميع الأدلة الدامغة ، ولكن هنا يكفي أن تكون مشتبه به لتقدم أنت بالتنكيل مايؤكد إرتكابك للجريمة ومافيش داعي لوجع الدماغ

وصباح الخير يافنلندا