حسن حجاب
كنت في العاشرة من عمري تقريباً عندما سمعت كلمة نصّب لأول مرة ، وفيها عرفت أن النصّب ماهو إلا عملية سرقة ولكن بذكاء ، عندما وصفتني مدرسة المرحلة بأني ولد نصّاب لم أدرك ماذا تعني ؟ لأني لم أكن أعرف أن مافعلته يجعلني في نظر الآخرين نصاباً
***********************
الحكاية من البداية ... كان بجوار المدرسة محل لعصير القصب يبيع كوب العصير بقرش صاغ ولكي تشتري كوب العصير عليك دفع القرش للرجل الجالس على مكتب صغير فيلقي لك بماركة بلاستيكية ملونة ، الحمراء تعني كوب بقرش والزرقاء شوب عصير محترم بقرشين ، بعد الخروج من المدرسة وإذا كان معي نقود أذهب لمحل العصير وأحصل على كوب العصير السكري اللذيذ والمنعش ، كان إدراكي وقتها أن قيمة كوب العصير تساوي تلك الماركة البلاستيكية التي يبيعها لنا الرجل الجالس على المكتب ، تذكرت أن لعبة الليدو بها ماركات بلاستيكية تشبه تلك الماركات التي يبيعها لنا صاحب محل العصير للحصول على كوب العصير ولما كانت لعبة الليدو تحتوي على ستة عشرة قطعة بلاستيكية مقسمة لأربعة ألوان كل لون أربع قطع وبها أربع قطع حمراء وأربع قطع زرقاء معنى ذلك أن تلك القطع تساوي إثنى عشر قرشاً في حين أن لعبة الليدو قيمتها خمسة قروش ، لذلك قررت أن أشتري العصير بقطع الليدو وبسعر أقل من تلك التي يبيعها لنا الرجل الجالس في محل العصير ، ذهبت وحدي بعد العصر إلى محل ألف صنف وصنف بشارع السكة الجديدة بالمنصورة وإشتريت لعبة الليدو وبها القطع البلاستيكية بخمسة قروش ، وفي اليوم التالي وعقب إنتهاء اليوم الدراسي توجهت مباشرة لمحل العصير المزدحم ودخلت فوراً على الرجل الذي يقدم العصير وقدمت له ماركة بلاستيكية زرقاء فقدم لي شوب العصير المحترم ، عدت للمنزل معجباً بذكائي الذي جعلني أشرب العصير بسعر أرخص ، في اليوم التالي كررت المحاولة وشربت العصير هانئاً
وفي اليوم الثالث دعوت صديقي في الفصل حسن حجاب على عصير على حسابي ، وكان حسن سعيداً جدا بهذا العرض المغري والمفاجئ ، ذهبنا لمحل العصير وأعطيت حسن الماركتين الحمراواتين وقلت له قدمهما للرجل سوف يعطينا العصير ، عادي انا باعمل كده كل يوم ، لم يستوعب حسن الموضوع ولكنه إستمع لكلامي وما أن قدم الماركتين إلا ويد من حديد تهبط على كتف حسن وصوت جهوري يقول له .. هو إنت بأة اللي مدوخنا بقالك يومين .. إنت جبت الماركات دي منين ؟ .. إلتفت حسن إلي فلم يجدني حيث سابقت ساقاي الريح عدواً حتى المنزل
في اليوم التالي وبعض طابور الصباح .. دخلت أبلة عزيزة الفصل وبصحبتها حسن حجاب متورم الوجه وبه أثار زرقاء وقالت فين أحمد شقير .. رفعت يدي فسألته إنت متأكد إن هو ده ؟؟ حكيت لأبلة عزيزة الحكاية كاملة فقالت لي أمام الفصل أنت عارف اللي عملته ده إسمه إيه ؟ ده إسمه نصّب .. وإنت كده تبقى نصّاب ؟؟ لم أفهم معنى الكلمة ولكني شعرت أنها إهانة فبكيت وأنا لا أزال متأكد من أني لم أرتكب أي خطأ ، كل مافعلته أني إشتريت الماركات بسعر أرخص من تلك التي يبيعها لنا الرجل في محل العصير
بعد سنة .. إنتهت المرحلة الإبتدائية .. وإنتهت معها أخبار حسن حجاب .. الذي أصبح الآن رجلاّ تعدي الأربعين ولكنه لايحب عصير القصب ، بالرغم من أني مازلت أحب لعبة الليدو
أنا لا أزال متأكد من أني لم أرتكب أي خطأ ، كل مافعلته أني إشتريت الماركات بسعر أرخص من تلك التي يبيعها لنا الرجل في محل العصير
ReplyDeleteوأنا متفق معك تماماً
إذا كنت قادراً على طباعة أو صك ورقة أو عملة معدنية مماثلة تماماً لتلك التي تصدرها الحكومه أو غير مماثله .. وقدر الآخرون أن عشر جنيهات هي قيمة لوحتي الفنيه .. فلي الحق في مقايضتها بسلع
وإذا قال احدهم أن ورقة البنكنوت هذه صك ملكية أموال معينه عند الحكومه .. أقول له أن هذا الصك تصدر الحكومه منه مليارات وتضخها في الأسواق أحياناً لمواجهة دين داخلي ملح .. منتقصة بذلك من قيمة أموالي عندها
اشمعنى هما؟
بستمتع جدا بكتاباتك وان كنت كثيراً لا أجد تعليقا مناسباً
تدوينة حلوة
ReplyDelete:)))))))))))
ReplyDeleteكانت المدرسة لازم تتفهم إن سنك وبراءتك أوحولك بكده وانك معملتش كده فهلوة منك وكان لازم تفهمك الموقف بدل ما تتهمك بالنصب
ReplyDelete:) بس بجد حلوة فيها براءة متناهية
أهو هو دا اللي بيسمهوه النصب بالفطرة :)
ReplyDeleteبس يبدو انك ما لقتش اللي يراعي مواهبك عشان تبقى هليب كبير زي اللي بنشوفهم على الكراسي الكبيرة :)
لالا باهزر..
بصراحة ضحكت من قلبي.. براءة جميلة.. و ذكاء طفولي بحت
و اسلوب تناول جميل
بالتوفيق دائما
تحياتي
هاها انت نصاب موهوب لو استمريت فى نفس الخط كان زمانك دلوقت عايش بره :)
ReplyDeleteهههههه
ReplyDeleteأخ يا نصاب :P
بس فكرة حلوة
بالمناسبة ... عصير بقرش ... ده كان سنة كام ده؟
LoooooL
ReplyDeleteأنا ضحكت قوي بجد .. ذكرى طفولية رائعة وذكاء ببراءةمن أحلى ما يكون
التدوينة حلوة قوي
ونفسي في قصب دلوقتي !
يا خبر ابيض
ReplyDeleteدى حدوتة نصب على اعلى مستوى والغريب ان كشايف انك مش غلطان :))
الف هنا العصير اللى ببلاش :)
تحياتى :)
ده تزوير عملة رسمية يا باشا
ReplyDeleteيالهوى زرقو للواد وشه وورموه عشان كبايتين عصير الله يحرقهم
ReplyDeleteالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ReplyDeleteبس فيه حاجة صغيرة يا عم أحمد :
عنوان المقال كالتالي :
نصاب
وبعدها بسطرين
حسن حجاب
مش ملاحظ إنك ظلمته مرتين
مرة لما انضرب لغاية ما بقى الرجل الأزرق
ومرة تانية لما طلعته هو نصاب ؟
هاهاهاهااااااااااىىىىى
ReplyDeleteده انت غلبتني يا استاذ احمد
حلوة
عاوزين مغامرات تانيه
اتفهم بشده ادراكك لمموقف فى سنك الصغير ... لكن ما لا اتفهمه هو تعاملك مع ادراكك
ReplyDeleteفبالرغم من كونك كنت مقتنعا انك فقط اشتريت الماركات بسعر مخفض الا انك تركت صديقك حين أمسكه صاحب محل العصير
---
على المستوى الشخصى استمتعت بالتدوينه فقد اثارت بداخلى ذكريات عدة
احمد مهنى
بس كونك جريت لما مسكوا صاحبك يبئا اكيد ساعتها كنت متأكد انك عامل حاجة غلط
ReplyDeleteوإلا مكنتش جريت ومحدش أصلا جه جمبك دول كانو بيكملوا صاحبك
ههههههههه
بس موقف جامد اوي
:D
استنى منى تليفون
ReplyDeleteTop secret !!!
ReplyDeleteما النصب الا ذكاء في الاساس
ReplyDeleteولكن عندما يستخدم لخداع الاخرين فهو نصب
وبما انك لم تكن تقصد الخداع
يبقي انت مش نصاب
بس عجبتني الحكاية
رغم إني كتير باأحترمك إلا موش عارفه ليه حاسه أن الموضوع ده فيه شوية خباثه منك على المسكين
ReplyDeleteحسن حجاب
بوست حلو وتابعته حتى النهايه
إنها إحدي لقطات الحياة التي لا يمكن وصمها بالخطأ .. برغم كونها كذلك
ReplyDeleteمن يجرؤ منا أن يتهمك بالنصب.. قطعاً لا احد
هل يفعل بنا الإدراك هذا التأزم؟
هل يقلب لنا الأمور ويغير نظرتنا لما حولنا؟؟
.
تدوينة رائعة بحق
.
إيمان
عقلية الطفل البرئ ماتخيلش ان اللي بيعمله غلط
ReplyDeleteومش المفروض ان حد يعاقب طفل علي حاجه عملها ببراءه
أنا شايف إنك ماقصدتش تعمل غلط, بس بعد ماعرفت إنه غلط, المفروض بينك و بين نفسك تبقى معترف إنك غلطان. يظهر إنك من نوعية الناس اللي ممكن يغلطو و يئذو غيرهم و عمرهم مايحسو بالندم أبداً
ReplyDeleteومع انى اعشق الاثنين ...عصير القصب ولعب الليدو ..الا انى استحالة اضيع ازرار الليدو عشان شوب قصب
ReplyDeleteلازلت العبها مع اولادى واتنرفذ لو غلبونى
احنا متعودين نتكافىء لما نبقى اذكياء ...وده سر تعجبك لما اتعاقبت عشان كنت ذكى
بمفاهيم الطفولة طبعا..
ابتسامه واسعه صاحبتني و انا اقرأ ذلك البوست الجميل
ReplyDeleteالشر البريء الذي يتسلل الينا و نحن بعد لم ندرك حجم الشر ووجوده داخلنا
بداخل كل منا الخير و الشر
و في عقلك الباطن رغم انكارك كنت تدرك أنك اذكى من الرجل صاحب محل العصير و تستلذ بهذا
كنت تستمتع استمتاع النصاب بذكائه حتى باغتتك المدرسه بمسمى ما تفعله
ذكرتني بحادثه مشابهه تخصني
الجميل ان احنا طلعنا بلديات
طالما انت من المنصوره
قطعا سمعت عن عائلتي المعروفه جدا هناك
كم اعشق المنصوره يا شقير
و كم كنت اتمنى لو اتزوج و اعيش بها
لكن يشاء الله ما يشاء دائما
تحياتي لك
فريده
commenting on the last post, that isnt comments enabled, i just wanted to say, where did you get the part of: وكيف تغيرت أشكالهم بصورة مخيفة
ReplyDelete??!!