دبي .. لكِ كل التقدير
©Photo Copyright by : Ahmed Shokeir
عادة لا أنبهر .. قد تضعني الظروف في مواقف تصيبني بالإعجاب ولكن أبداً لم أصل لمرحلة الإنبهار مهما إتحدت الظروف المحيطة في أن تجعلني منبهراً مثل من يشاركوني الموقف ، سمعت كثيراً عن دولة الإمارت وبالتحديد مدينة دبي ، سمعت قصص وحكايات تبهر من يسمعها ، وكان وقعها دائماً عليّ عادياً وكأني أشاهد فيلم بارد وممل ، فلا أجد فيما يُقال مايستحق كل تلك الضجة والبروباجاندا ، حتى أتيحت لي الفرصة لزيارة دبي لأول مرة منذ أربع سنوات ، ومنذ لحظة دخولي منطقة الجوازات أكدت العهد على نفسي ألا أنبهر ، فلا شيئ يستحق وأين دبي من تلك العواصم العريقة التي كتبت مسار التاريخ وتغيرت معها حضارات ، وطأت قدماي مدينة دبي مثل شخص خنيق كئيب يتمتع بثقل ظل سميك ذاهب لمشاهدة فيلم كوميدي عالي المستوى فمهما كان الفيلم كوميدياً مضحكاً إلا أنه سوف يستثقل ظله ويجده تافها فارغاً ، إلا أن الفيلم إستطاع أن يهزمني ويدفعني للضحك الرائق بصوت عالي ، فبعد دقائق من الخروج من مطار دبي فقدت مناعتي المحصنة ضد الإنبهار وأصبت بهوس من حال هذا المدينة العجيبة ، ليس فقط من خلال الجمال المعماري في البنايات الشاهقة المتعددة ولا الشوارع وطرق السير والمرور والإنضباط والنظام والإلتزام ، ولكن من خلال الجو العام المحيط بالمدينة
المدينة هي مدينة عمل لامجال لتضييع الوقت ، فوقت العمل له ثمن من أقل عامل إلى أعلى مدير ، حركة الناس سريعة عملية نشيطة إحترافية كل يعرف ماله وماعليه ولاوقت هناك لأحد لكي يدس أنفه في أمر غيره حتى لو سار متجرداً من ملابسه بالشارع ، هناك حرية بنظام غير عادي ، وعندما ينتهي وقت العمل فالترفيه أيضا له نفس مستوى جدية العمل في الإتقان وحسب إختيارك ، دبي مدينة شبابية فنادراً ماتجد رجل مسن أو سيدة مسنة ونادراً ماتجد أطفال وكأن العائلات تركت دبي ورحلت إلى أبو ظبي ، دبي مدينة إنترناشيونال متعددة الجنسيات بمعنى الكلمة ، في الطريق ممكن أن يتواجد بجوارك عشرون شخصاً أستطيع أن أجزم بأنهم ينتمون لأكثر من عشر جنسيات مختلفة ، في البلدان المجاورة تقابلك جنسيات باكستانية بنغالية هندية فليبينية مصرية وسورية ولكن في دبي سوف تجد أيضا الياباني والأميركي والفرنسي والكندي والألماني والكيني ، دبي مدينة إحترافية إذا كنت فيها كفؤاً سوف تصل لأعلى المراتب الوظيفية رأيت مصريين وفلبينين وهنود ناجحون يحتلون أعلى المناصب في شركات عالمية ويتقاضون مئات الألوف من الدراهم شهرياً في مناصب عُليا ، وهم في البلاد الأخرى الجالبة للعمالة يتولون أدنى الوظائف
دبي مدينة يحكمها نظام صارم وتكاد لاتلحظ رجل شرطة ولكن مع إرتكابك أي مخالفة ولو حتى ثانوية إلا وتنشق الأرض ويظهر رجل الشرطة الخفي ، لا يظهر لك متجهماً ولا زاعقاً ولا مهدداً ولكن مبتسماً وتأكد أنك ستحصل على مخالفتك لو شعر إنك ارتكبتها وأنت ليس جاهلا مهما جادلته ، لن أقول لك ان إشارة المرور لها إحترامها ولكن إشارة عبور المشاة لها قدسيتها ومخالفتها قد تكلفك حياتك ، قال لي صديقي دبي مدينة تحصل فيها على المال الكثير لكي لاتبخل وتصرف القليل فهي تعطيك الكثير لتصرف الكثير وتدخر جزء فيدور رأس المال سريعاً وكأنه إتفاق غير مكتوب بين الجميع ، فأنت تدفع عشرين درهماً مايعادل ثلاثين جنيها قيمة طبق فول وأنت سعيد بينما تدفع في مدينة أخرى ثلاثة جنيهات في نفس الطبق وأنت لست سعيداً وتشكو الغلاء والباقي على نفس السياق ، حدثني أحد الأصدقاء أنه أثناء تجواله بأحد المراكز التجارية فوجئ بالشرطة تتصل به على هاتفه المحمول وتتأكد من رقم سيارته ، ثم تدعوة لينزل إلى موقف سيارات المركز التجاري حيث ترك سيارته غير مغلقة ، وعندما نزل وجد الشرطي مبتسماً بجوار سيارته ، وقبل أن يتركه الشرطي بعدما تأكد أنه احكم غلق سيارته سأله صديقي : كيف إستطعتم الوصول لي ؟ أجابه الشرطي : من رقم السيارة إستفسرت من كومبيوتر إدارة المرور عن رقم هاتفك وإتصلت بك .. أخبرني صديقي أن ذلك يحدث أيضاً في حالات الإنتظار صف ثان وإن كان لايعفيك من المخالفة
دبي مدينة لا تزورها مرتين في حياتك ... ففي كل مرة تزورها تكتشف أنها تختلف تماماً عن المرة السابقة حتى لو كانت زيارتك بعد أسبوع ففي كل يوم تطوير وتنمية حقيقية وبسرعة صاروخية .. وراء كل ذلك رجل جاد وشاب نشط يحب بلده بحق إسمه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي الذي يستمتع بالحياة بطريقته الخاصة من واقع مقولته الشهيرة
متعة الحياة ... أن تعمل عملاً لم يسبقك عليه أحد ولم يتوقعه الآخرون
كما تتركز رؤية محمد بن راشد عن العمل الحكومي من خلال مقولته
الحكومة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس ، لذلك فإن مقياس نجاح الحكومة هو رضا المتعاملين معها
ومقولته الأخرى
الوظيفة الحكومية ليست فقط باباً للرزق، إنما قبل ذلك باب للإنتاج، ودوائر الحكومة ليست مكاتب للروتين والتواكل والتكاسل، بل ميادين للإبداع
هل قابلت من قبل من يؤمن أن دوائر العمل الحكومية هي ميادين للإبداع ، رجل بتلك الرؤية مع إعتبار أنه يفعل مايقول يجب أن تكون نتيجة أعماله معجزة دبي .. أتذكر أني شاهدت ملصقاً فنياً على إحدى الجدران فتوقعت أن دعوة إلى جاليري تشكيلي أو معرض فني أو مؤتمر ثقافي فإذا به إعلان عن محكمة دبي لم يستوعب عقلي ماهو الغرض من الملصق حتى اليوم
محمد بن راشد آل مكتوم رجل إقتصاد من طراز فريد في مدينة تستضيف سنويا منتديات لكبار علماء الإقتصاد بحق في العالم أجمع ، لن أتحدث عن برج دبي أو مدينة دبي للتكنولوجيا أو مدينة دبي للإعلام أو ميناء جبل علي أو منطقة جميرا أو مطار دبي أو برج دبي ولا جزيرتي النخلة والعالم ، ولكني أتذكر حكاية رواها لي يوماً ما رجل أعمال سعودي متوسط عن صديقه رجل الأعمال السعودي صاحب شركة السياحة ومالك أحد الفنادق ذات الأربع نجوم بمدينة الدمام السعودية عندما ذهب لدبي ليشيد فيها أحد الفنادق ، وبعد أسابيع قليلة كان الفندق يشق طريقه للسماء ولأن محمد بن راشد يحفظ مدينة دبي مبنى مبنى لاحظ خلال جولته هذا المبنى الجديد فسأل عن صاحبه فقيل له أنه مستثمر سعودي فقال أريد أن أقابله وكان في اليوم التالي المستثمر السعودي الذي بدت عليه علامات القلق في ديوانه ، سأله أنت صاحب هذا الفندق ..؟ رد عليه بالإيجاب فبادره هل لك خبرة ؟ فأخبره بأن له فندق أربع نجوم بالسعودية ، سأله ومن أين أتيت بالمال ..؟ أجابه رجل الأعمال السعودي بأنه ماله الخاص .. قال له ولماذا لم تتعامل مع أحد بنوك الإمارت .. إذهب الآن وإبني فندقاً آخر .. إذهب الآن إلى البنك وإحصل على قرضاً بضمان الفندق الجديد ولاتسدد له إلا من عائد الفندق الثاني ، ولاتدفع فلساً واحداً من مالك الشخصي مرة أخرى فأنت رجل ذو خبرة .. هكذا يشجع الرجل على الإستثمار ، فالفندق على أرض دبي ولن يرحل من دبي وسوف يقوم بتشغيل رؤوس مال البنوك في نهضة عقارية وسياحية لدبي ، ويعمل على سرعة دوران رأس المال ويستفيد من خبرة أحد رجال السياحة الجادين الذي أنشأ الفندق الأول بماله الشخصي
وفي خضم تلك الأعمال الإقتصادية الجادة والعملاقة والغير مسبوقة لن تستطيع أن تنسى الأعمال الخيرية للرجل في مجالات الرعاية الطبية والإجتماعية والأبحاث والترجمة والتأليف ومسابقات القرآن الكريم والمهرجانات الثقافية والفنية حتى المدونات ، وصلتني رسالة اليوم من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وهي رسالة حقيقية لشباب العرب تتيح لهم فرصة جادة للحصول على منحة دراسات عليا في الجامعات الأجنبية مثل جامعة كولومبيا وجامعة دوك وجامعة كرانفيلد وجامعة هارفارد وجامعة نيويورك وجامعة برينستون الإنجليزية وجامعة ملبورن وجامعة كامبريدج وجامعة كوينزلاند وجامعة بنسلفانيا للحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال ، والإدارة العامة ، والسياسة العامة ، والمالية ... تقول الرسالة
عزيزي المدوّن
تحية طيبة وبعد
بما أن مدونتكم من المدونات النشطة التي تحظى بنسبة مشاركة طيبة، فقد وقع الاختيار عليها، ضمن عدد من المدونات العربية، لتكون واحدة ضمن قائمة التواصل مع المدونين العرب المؤثرين في واقع أمتهم ومجتمعاتهم.ونهدف من خلال هذا التواصل إلى التعريف بالأهداف السامية لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ، وببرامجها التي نأمل أن تنعكس بالخير على مستقبل الأمة
حتى بقية الرسالة في هذا الرابط ، والرسالة تؤكد لك في نهايتها جدية المؤسسة بقولها لنا في بلادكم محطة... فلتكن فرصة للّقاء معكم والرد على إستفساراتكم
وسوف يتواجد الفريق بالقاهرة للمقابلات في يوم الأحد 9 نوفمبر السادسة مساءاً بفندق فيرمونت هيليوبوليس ، وفي الإسكندرية يوم الإثنين 10 نوفمبر السادسة مساءاً بفندق شيراتون المنتزه
-----------------------------------
هذه باقة من مقولات الرجل التي هي فكر وفعل .. وأعتبرها أفضل من جميع برامج التنمية البشرية
-----------------------------------
وأخيراّ .. هذه التدوينة كان المقصود بها مدينة دبي .. ولكن الشاعر الحاكم يدفعك غصباً عنك للإشادة به والإنبهار به مثلما تنبهر بمعجزته ... دبي
:)
ReplyDeleteكتير اعرفهم قالوا نفس الكلام عن دبى انها مدينه مبهره و ان اهم حاجه بتميزها الرقى
بوست جميل لوصف مدينة اكثر من رائعة
ReplyDeleteبس دبي بتطرح سؤال مهم جدا
اذا كان دة حال دبي في ظل حكم وراثي ديكتاتوري...طب كان هيبقى حالها ازاي لو بتحكم حكم جمهوري ديمقراطي حقيقي مش جمهوري زينا كدة يعني
تفتكر دة هيكون افضل لها ولا اسوأ؟
تحياتي واحتراماتي
سيبك انت من المطار وبرج العرب وجبل على وجميرا والجو ده كله
ReplyDeleteخلينا ف
"بما أن مدونتكم من المدونات النشطة التي تحظى بنسبة مشاركة طيبة، فقد وقع الاختيار عليها، ضمن عدد من المدونات العربية، لتكون واحدة ضمن قائمة التواصل مع المدونين العرب المؤثرين في واقع أمتهم ومجتمعاتهم.ونهدف من خلال هذا التواصل إلى التعريف بالأهداف السامية لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم "
اللى اعرفه ان عندنا "مكتب مكافحه التدوين"
ده الفرق بينا
وبينهم
دبي مدينة فيها عشرين واحد من جنوب آسيا بيسكنوا في شقة واحدة علشان أكل العيش عاوز كدا، و فيها ناس تانيين بيكسبوا الألوف زي ما قلت، و كله جزء من النظام.
ReplyDeleteالرجل ده في منتهي الاحترام ... في مرة كنت قاعد باتفرج علي التليفزيون و شفت انه ساعد واحد فلسطيني متفوق و ادي له منحه بعد الثانويه للتعليم .. و فعلا دخل كلية هندسة و طلع الأول
ReplyDeleteلما حكي حكايته و انه كان هيكتفي بالثانوية لأنه الجدار العازل كان هيمنعه من التنقل لأي جامعة ليتعلم فيها .. و لما اتصلوا بيه ماكانش مصدق و قطعوا له تذكرة علي حسابهم و علموه الخمس سنين و صرفوا عليه و يومها قال كلام عن شجرة الزيتون التي تنمو في فلسطين و انها دائما نافعة سواء كانت بتنتج زيتون او حتي بعد ما تشيخ و تنفع في التدفئة .. كنت فعلا متأثر بما اسمعه لدرجة اني حسيت انه الموقف ده لازم تبكي فيه من الفرح لأنه في ناس بالشكل ده موجودة في عالمنا
و ادي قصة تانيه باسمعها عن الرجل ده .. قصة الفندق الذي تحول الي فندقين ... و النظام المحترم لرجال الشرطة و ابتسامتهم و سهولة الوصول لصاحب السيارة ... هو في كده !! حاجة حلوة فعلا
حاجة تبسط اوي
انا زرت دبى من 9 اشهر هيا طبعا جزء من اوروبا بس محسيتش انى مرتاح محسيتش انى احب اعيش فى دبى ودارائى الشخصى علما بأنى محب لسفر والترحال فى حد ذاته
ReplyDeleteاعتدت الا انبهر بالفعل فى حياتى ولكنى فقط اصل الى اقصى درجات الاعجاب عندما يصل الاخرون الى قمة الانبها .. لكن مقولات هذا الرجل واسلوب سردك جعلنى انبهر بلا اراده
ReplyDeleteـــ
لك تحياتى
ألف مبروك .. تستحق ذلك وأكثر
ReplyDeletehttp://yamarakby.blogspot.com/2007/05/blog-post_18.html#links
http://yamarakby.blogspot.com/2007/06/blog-post_21.html#links
فعلا دبى والأمارات عامة عملت طفرة ف كل النواحى فى الفترة الأخيرة لكن الأهم من ده هو الألتزام والأحترام
ReplyDeleteتحياتى :)
طب انا هعمل زيك كدة وهحاول اني مكونش منبهر لاني قريب رايح دبي اما اشوف هينفع ولا لا
ReplyDeleteالنجاح بيولد نجاح يا ابو حميد
التحية والتقدير ليست لمدينة دبى
ReplyDeleteبل لحاكم دبى والعاملين عليها الذين جعلوها فى هذة المكانة بين الدول العالمية
بتمنى ان بلدى تكون فى يوم زيها
وحكمها يكونوا زيهم
يارب
محسسني ان دبي عملت كده بدماغها مش بدماغ الكفار من الامريكان و الاوروبيين
ReplyDeleteهل هذا ما اعجبك فى دبى انت رايتها من خمس سنوات ولكن لو قدر اليك مشاهدته الحين لن تعرفها وانت جات زائر ولكن لو اقمت فيها فستكره نفسك المقيمين العرب هنا فى دوامة من العمل لتوفير الحياة للانسان بدون ان تحس انك انسان فيجب ان تعلم اللغة الهندية فهى مقاطعة هندية فى بلد عربى لان 4 مليون من عدد السكان ال5 مليون هنود والمليون جنسايات مختلفة فهل هى جنة الله فى ارضه بالطبع لا دبى فقاعة فى سبيله الى النهاية نتيجة ارتفاع التضخم بها وكذلك الى هروب قلة رؤوس الاموال التى تغسل هنا فلا تعجبكم لهذه الدرجة
ReplyDeleteأخى الفاضل: أحمد
ReplyDeleteالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأنا بهرنى هذا الفكر الراقى فى رؤية محمد بن راشد عن العمل الحكومي ، وكيف هو يعمل ليس لصالح أبناء دبى فقط وإنما لأمته العربية
نحن نريد أمثال هذا الرجل لقيادة قافلة الأمة إلى
الوصول للرقى والتقدم والآمان
عزيزي أحمد
ReplyDeleteلك الحق في الغنبهار فهو نفس الشعور اللذي راودني منذ 5 سنوات عندما وطئت قدمائي دبي لكن.....
الاكيد أن شعورك هذا سوف يتغير بنسبة كبيرة لو كنت من قاطني دبي
نعم محمد بن راشد شخصية عظيمة تستحق الإحترام ودبي ماكن ممتع للزائر ولكن هناك الكثير و الكثير من السلبيات اللتي لا تستطيع عيناك أن حصيها خلال زيارتك
أدعوك للإقامة لمدة شهر و الإختلاط بالمقيمين و ستتغير نظرًتك كثيرا
تحياتي
أحمد سامي