Friday, May 28, 2010

أسامة أنور عكاشة .. ورحيل مبدع آخر




لا أفضل أن أكتب عن أشخاص عقب وفاتهم إلا نادراً، حيث تكون هناك أقلام كثيرة تكتب كلاماً متشابها وكأنه تؤدي واجباً وترحل، ولكن عندما أتأثر بشدة من خبر الوفاة أجدني لاأستطيع أن أؤجل الكتابة التي غالباً لاتأتي مرة أخرى، تأثرت بشد عقب سماعي بعد ظهر اليوم بخبر وفاة الكاتب الروائي أسامة أنور عكاشة، بالرغم من أن خبر مرضه الأخير ودخوله المستشفى قد مهد لذلك حيث علم به الجميع عقب خبر علاجه على نفقة الدولة، وقد أعتب كثيراً على ذيوع خبر العلاج على نفقة الدولة لما فيه إيلام وإيذاء نفسي لشخص المريض وكأن الإعلان فيه نوع من المنّ والإحسان فيما هو حق له، قرار العلاج على نفقة الدولة سواء لشخص عادي أو شخصية مجتمع شهيرة يجب أن يظل بعيداً عن التداول الخبري، ويبقى فقط في حيز الجهات الرقابية التي تتابع أحقية القرار، ولايخرج إلا في حالات الفساد وسوء الإستغلال

تأثري بالكاتب الراحل لأني تابعت رحلة صعوده المتأخرة للقمة كمشاهد عادي يكتشف هامة فنية إبداعية دون ضجة أو ضجيج، أتذكر أن بدايته الحقيقية كانت متأخرة في عام 82 عندما عرض له مسلسل الشهد والدموع للمرة الأولى .. عرض كمسلسل عادي دون أي دعاية أو بروباجندا .. شاهدته وبعد قليل من بداية الحلقة شعرت أنني أمام عمل فني مختلف .. سرعة الأحداث والربط بين اللقطات وعدم المط والتطويل الذي تشتهر به المسلسلات كان العلامة المميزة للمسلسل لدرجة أن الحلقة الواحدة بأحداثها تكفي لعمل مسلسل كامل، أجهدنا المخرج إسماعيل عبد الحافظ وقتها بسرعة حركة الكاميرا ولكنها كانت طريقة جديدة في الإخراج جعلت المسلسل له مذاق خاص، ثم جاءت تحفة أسامة انور عكاشة ليالي الحلمية والتي تعد من أهم المسلسلات التلفزيونية على مدار التاريخ حيث أحدثت ثورة في الكتابة التلفزيونية بل وأنشأت فناً جديداً مستقلاً إسمه الدراما التلفزيونية عرفنا من خلاله أننا لم نكن من قبل نشاهد فناً، كانت ليالي الحلمية هي نموذج لدراما الرأي والموقف باعثة للتأمل والتحليل، كانت دراما الإنسان النابعة من الشخصيات الحية والواقعية فكنا نشاهد أنفسنا وغيرنا داخل العمل دون إفراط ولاتزييف

على مدار سنوات وخلال 150 حلقة من ليالي الحلمية كنت أكتشف في كل مرة أعيد مشاهدة حلقاتها إبداعاً لم أنتبه له سابقاً، طريقة رسم الشخصيات وتطورها وتغيرها وتحولها بطريقة سلسلة بل وتغير ثوابتها وإتجهاتها، جعلتني أسرح كثيراً في سر هذا العبقري الذي إستطاع أن يرصد ذلك ويتمكن من أدواته بهذا الشكل

منذ ست سنوات وبالتحديد في أكتوبر 2004 تصدر أسامة أنور عكاشة أحاديث الرأي العام والجدل اليومي بشكل مرتفع عقب تصريحات له في إحدى الحوارات الصحفيه أساء فيها لسيدنا عمرو بن العاص، وتقدمت بلاغات بالسب وإحتقار الطوائف كما قدمت فيه دعوى حسبة تطلب بالتفريق بينه وبين زوجته لخروجه من الملة في حين ان تصريحاته أسيئ فهمها على خلفية إنفعالات نابعة من الغيرة الدينية وخصوصاً أنها تزامنت مع شهر رمضان الذي تزداد فيها المشاعر الروحية والدينية، فلم يتبين أحد أن أسامة كان يقول وجهة نظره ورأيه عن الجانب السياسي في شخصية الصحابي عمرو بن العاص وليس الديني، وإنتهت بعد فترة كما يحدث دائماً زوبعة التصريحات ليبقى أسامة أنور عكاشة حاضراً بأعماله التلفزيونية الخالدة، التي لن يستطيع أحد وفي ظل كل تلك الأمكانيات الفنية والتكنولوجية والمادية المتاحة أن يقترب منها

أسامة أنور عكاشة مبدع آخر يرحل في صمت .. ندعو الله أن يرقد في سلام

16 comments:

  1. الخبر بالنسبة لي كان صدمة لاني مكنتش اعرف انه دخل المستشفي

    الله يرحمه

    ReplyDelete
  2. البقاء لله - وان لله وان اليه راجعون - رحيلنا عن هذا العالم شئ طبيعى ولا يدعوا للازعاج ولكن ما يدعوا الى الحزن هو كلما رحل واحد من المبدعين المصريين لا نجد له بديل - رحم الله اسامة انور عكاشة

    ReplyDelete
  3. "أعتب كثيراً على ذيوع خبر العلاج على نفقة الدولة لما فيه إيلام وإيذاء نفسي لشخص المريض وكأن الإعلان فيه نوع من المنّ والإحسان فيما هو حق له، قرار العلاج على نفقة الدولة سواء لشخص عادي أو شخصية مجتمع شهيرة يجب أن يظل بعيداً عن التداول الخبري، ويبقى فقط في حيز الجهات الرقابية التي تتابع أحقية القرار، ولايخرج إلا في حالات الفساد وسوء الإستغلال
    "

    أوافق بشدة ..أما أسامة انور عكاشة , فقد كنت بدأت قبل ايام,قبل حتى ان يدخل المستشفى فى اعداد مقال عنه .بالرغم من تحفظاتى الكثيرة جدا جدا عليه فإن ما يعجبنى من أعماله فعلاً يضعه فى مرتبة نجيب محفوظ الدراما التليفزيونية كما بطلقون عليه.

    تحياتى للمقال الجميل يا باشمهندس

    ReplyDelete
  4. اللهم اجرنا فى مصيبتنا واخلفنا خيرا منه إن لله وإنا اليه راجعون البقاء لله

    ReplyDelete
  5. الله يرحمه

    ReplyDelete
  6. رحم الله الفقيد المبدع

    يتساقط حامبي ضمير الأمة الواحد تلو الآخر للأسف

    :-(

    ReplyDelete
  7. الله يرحمه. حبيت اسامه انور عكاشه فى فتره الطفوله نظرا لان ابطال كتاباته تملاهم الشهامه والبطوله كاولاد بلد.
    رغم الاختلاف السياسى معه
    الله رحمه ويغفر له

    ReplyDelete
  8. البقاء لله
    انا لله و انا اليه راجعون
    قامه و عمود استترت الدراما المصريه خلفه في زمن السقوط
    من سيحميها من بعده

    ReplyDelete
  9. الواحد من سنين بطل تلفزيون ومسلسلات خاصة انها بترفع من نسبة التخلف العقلي في المصريين والمصريات بس مقدرش انفي ولا اتنكر لمسلسلات زمان و أسامة أنور عكاشة ؟....الله يرحم موتانا

    ReplyDelete
  10. مع انى لم اكن اتفق معه فى كل آرائه خاصة الدينية منهاالا اننى اكن للرجل كل المحبة و الاحترام حزنت عليه فعلا و ادعوا الله ان يشمله برحمتة

    ReplyDelete
  11. you have homework

    http://sebamboot.blogspot.com/2010/06/blog-post.html

    ReplyDelete
  12. كطفل صغير سعيد يلتف حول أفراد أسرته في ليالي رمضان الساحرة .. كنت أشاهد ليالي الحلمية و أنفعل معها دون فهم كامل او احاطة واعية بالاحداث و ترتيب الازمنة و العلاقات ..
    و كبرت بعدها و في ذهني - مثل كثيرين - هذه الصور البعيدة الجميلة عن المسلسل و ابطاله و كلمات تتره البديعة دون تذكر للاحداث و التفاصيل .. و عندما لاحت الفرصة من شهور قليلة لمتابعة المسلسل كاملا عندما عرضته قناة الدراما لم أفوتها .. و عرفت بعدها لماذا قال يحيي الفخراني أنه سعيد بسبع سنوات ضاعت من عمره في كواليس المسلسل .. فقد أضعت ساعات في هذا الكتاب الممتع البليغ معادلا قراءة عشرات الكتب في التاريخ و الاجتماع و الاقتصاد و علم النفس .. و الأدب أيضا .. أما كلمات سيد حجاب فهي درس آخر في الفلسفة ..

    يكفي المسلسل من يريد أن يعرف و يتأمل ما حدث كل هذه السنوات .. و يكفيه ليستمتع بحدوتة جميلة في الحب و الحياة .. و يكفيه ليبكي طول عمره علي أقدارنا و مصائرنا الضائعة .. مثل كل كتابات الراحل .. تحب .. تستمتع و تغرقك الدموع .. تتعاطف مع نفسك و مع كل الطيبين البسطاء و تشتاق الي رائحة البلد الأصيلة الجميلة لتجد نفسك دائما هناك في قلبها ملتحما بهذه القلوب المحبة المخلصة

    الدنيا بعد اسامة أنور عكاشة ليست هي قبله .. لكن ينقصها شئ ما

    شئ طيب و جميل و بسيط
    ينقصها شئ من الحب
    أحييك

    ReplyDelete
  13. أخي الفاضل الباشمهندس احمد
    خارج عن الموضوع

    لاحظت ان مصطفى الاغا وبمناسبة كأس العالم

    اقتبس مقالة كاملة لك بدون ان ينسبها لك

    على هذا الرابط

    http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=32326

    تامر
    اكتب بالطهقان

    ReplyDelete
  14. الله يرحمه كان راجل فاهم واتكلم في قضايا كتير اوى

    ReplyDelete