معلومات كثير منا عن جعفر النميري لاتتعدى عن أنه كان رئيس سوداني سابق ، فكثير لم يعاصروا هذا الرئيس وبالتالي لاتوجد معلومات كثيرة حاضرة نتيجة معاصرة فترة حكمه ، وحيث أني عاصرت فترة كبيرة من حكم الرئيس السوداني فقد حضرتني بعض الذكريات عن هذا الرجل عقب سماع نبأ رحيله
السودان في فترة من الفترات لم يكن يُعرف عنها سوف أنها جعفر النميري ، حيث طالت مدة حكمه عقب إنقلابه العسكري عام تسعة وستين حتى الإنقلاب عليه الإطاحة به عام خمسة وثمانين ، وبذلك عاصر الرجل طوال فترة حكمه رؤساء مصر الثلاثة جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك ، إختلفت الأراء حول جعفر النميري فمنهم من وجده حاكم ديكتاتور طاغية ، ومنهم من وجد فيه رجل سياسة محنك
يحظى جعفر النميري في مصر بود كبير لعل أبرزه كان نتاج موقفه الرائع في فترة سخيفة في تاريخ مصر ، عندما قطعت جميع الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع مصر ، وكان هو الزعيم الوحيد الذي وقف ضد قرارات مايسمى بجبهة الصمود والتصدي بقطع العلاقات مع مصر ونقل مقر جامعة الدول العربية حينذاك من مصر إلى تونس ، هذا القرار الذي إستمر قرابة عشر سنوات عقب زيارة أنور السادات للكنيست الإسرائيلي ثم توقيع إتفاقية السلام وحتى عام سبعة وثمانين ، كانت السودان هي الدولة الوحيدة التي وقفت بجوار مصر من العزلة وتبعتها في نفس الوقت مخالفا للإجماع العربي سلطنة عُمان بقيادة السلطان قابوس
من أهم إنجازات جعفر النميري الداخلية هو وأد الحرب الأهلية التي كادت أن تندلع بين الشمال والجنوب بعد ثلاث سنوات من توليه الحكم ، وفي عهده كانت العلاقات بين مصر والسودان في أقوى وأمتن روابطها وخاصة قبيل نهاية حكم أنور السادات ، عندما ظهر مايسمى بمشروع التكامل المصري السوداني ، يومها أصبح الإنتقال بين مصر والسودان بالبطاقات الشخصية ، ولم نعرف مشكلات مثل حلايب وشلاتين ، لم تظهر قيمة فترة حكم النميري إلا عندما ظهر عُمر البشير الذي عرف بكرهه الشديد للقاهرة وعمل على تقييد وإنهاء العلاقة الخاصة بين مصر والسودان ، وإستولى على مقرات جامعة القاهرة في السودان وطرد أعضاء هيئة التدريس منها ، بالإضافة إلى شبهة تورطه الغير مباشرة في محاولة إغتيال الرئيس المصري في أديس أبابا أثناء القمة الإفريقية ، تلك القمة التي كان يشيد بها مبارك ويضرب بها المثل من ناحية التوقيت وإلتزام الزعماء الأفارقة بإنعقادها في مارس من كل عام ، ولايغيب عنها أي من الزعماء الأفارقة وكان مبارك حريص كل الحرص على مشاركته فيها كل عام ولم يحضرها بعد تلك المحاولة الفاشلة لإغتياله بإستثناء المرة التي تم إنعقادها في القاهرة
تفككت كل أواصر العلاقات الخاصة التي تجمع بين مصر والسودان عقب الإطاحة بجعفر النميري ، ووقتها أدرك كثيرين أهمية وقيمة زعيم مثل النميري بعدما ظهرت مشكلات الحدود بين مصر والسودان على منطقتي حلايب وشلاتين ، وظهرت عند السودانين النعرة القومية الزائفة نتيجة تضليل القيادة السودانية لحقيقة الأمور آنذاك
أتذكر قبل أشهر من الإطاحة بجعفر النميري ، كان أنيس منصور الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة دار المعارف ورئيس تحرير مجلة إكتوبر ، رأس تحرير مجلة إسبوعية إسمها وادي النيل تعتني بالشأن المصري السوداني ، وبعد أربعة شهور من إصدارها تمت الإطاحة بجعفر النميري ، وفي اليوم التالي اتذكر مقال أنيس منصور بالأهرام عندما كانت أولى كلمات مقاله ورحل الديكتاتور ، وقتها أصبت بحالة من اللبس وعدم الفهم ، فتلك هي المرة الأولى التي اسمع فيها أن النميري ديكتاتوراً ، وكيف بكاتب كبير مثل أنيس منصور يرأس تحرير ويكتب أسبوعياً في مجلة تختص بالشأن السوداني يشيد دوماً بجعفر النميري والتكامل المصري السوداني يتحول بين ليلة وضحاها إلى النقيض ، وكانت تلك أولى مراحل فقد الثقة فيما يكتبه كبار الكتاب
إرتبط أيضا إسم جعفر النميري بزعيم محبب إلى الجميع ألا وهو قائد الإنقلاب الذي أطاح به ، الفريق سوار الذهب الذي لن تجود بلادنا بمثله ، هذا الرجل الذي أطاح بالنميري في إنقلاب عسكري وعد بترك الحكم في خلال عام عقب إجراء إنتخابات ديمقراطية لإختيار رئيس جديد ، وعلى غير العادة وعد الرجل فأوفى ، ولأننا شعوب لاتعرف كيف تمارس الديمقراطية تحولت السودان سريعاً عقب ترك سوار الذهب الحكم بكامل إرادته إلى دولة ديكتاتورية في أبشع صورها ، وتربع رئيسها الحالي على عرش أكثر الحكام ديكتاتورية في العالم
تأثرت كثيراً في مشهد نادر الحدوث أمس عندما شاهدت الفريق سوار الذهب الذي أطاح بجعفر النميري يوماً ما ، وهو ينعي النميري ويترحم على إنجازاته وما فعله لوطنه وكيف يشيد به بكل حب وتقدير
جعفر النميري .. رئيس سوداني كان له شأن عظيم وكانت السودان في عهده ذات شأن ، كانت له قرارات هامة ذات بعد سياسي عميق وليست عنتريات هوجاء ، مثل عدم الإستجابة للإجماع العربي بقطع العلاقات مع مصر ، أو تورطه في تسفير يهود الحبشة أو مايسمى بالفلاشا إلى إسرائيل في واحدة من سقطاته ، أجبرت هذه القرارات الآخرين على إحترامه بالرغم من مخالفتهم إياه ، ولم يتورط يوماً ما في تطهير عرقي بالرغم من خلافه مع قيادات الجنوب السوداني ، ولم يتكاتف يوما العالم الغربي ضده ، ولم تطلبه يوماً محكمة دولية لمحاكمته
رحم الله رجل من الماضي .. إستضافته مصر لمدة خمسة عشر عاماً في منفاه الإختياري ، قبل عودته عام ألفين في إستقبال رسمي وشعبي حافل بعدما أدركوا قيمته مثلما حدث مع أنور السادات مع الفارق أنه تم إدراك قيمة السادات عقب رحليه
**********************
في الشأن السوداني إقرأ : عمر البشير .. إلى مزبلة التاريخ
sorry but Egypt have 4 presidents not only 3
ReplyDeletemohamed naguib ... we have to remember this man
للاسف مش عارفه هو لان سنى صغير ولا لان ثقافتى محدوده وده عيب منى طبعا انا معرفش كتير عن الراجل ده لكن الحاجه اللى اعرفها استضافه مصر ليه 15 سنه بس
ReplyDeleteمتشكره لانى بعرف من حضرتك اللى معرفوش :)
لا أنكر إني تأثرت كثيرا بوفاة النميري حتى دمعت عيناي ويبدو ذلك لأسباب شخصية فقد عشت أنا وأسرتي فترة طويلة في السودان أيام حكمه..وفي هذه الفترة بالفعل كانت العلاقات بين مصر والسودان أفضل كثيرا من فترة حكم البشير الذي صدمني بشدة بقراراته العجيبة غير المبررة ضدنا فطوال فترة عيشنا في السودان لم نشعر إننا أجانب بل كنا وسط أهلنا وكان لنا اصدقاء سودانيين كثيرين كانوا أخوة لنا ولذلك كانت الصدمة شديدة من
ReplyDeleteالبشير..
وأنت محق فعلا في تقدير النميري الذي كانت له انجازات كثيرة وكانت له أيضا أخطاء ولكن هذه هي طبيعة البشر ..
رحمه الله ورحم أمواتنا جميعا..
ربنا يرحمه ويسكنه فسيح جناته يا رب
ReplyDeleteرغم ديكتاتوريته الا انه قدم كتير للسودان
انا لله وانا اليه راجعون
أذكر جيدا تلك الفترة الرائعة التي كانت العلاقة بين مصر والسودان في أجمل صورها عندما تم الإتفاق على مشروع التكامل بين البلدين .. وقد كان ولا يزال هذا المشروع الحيوي هو الأمل لنشأة دولتين عظيمتين في قدراتهما الإقتصادية
ReplyDeleteكانت قناة جونجلي (التي لم تتم) ستوفر كميات مهولة من المياه المهدرة .. وكانت الخبرات المصرية ستثري الأراضي السودانية زراعة وصناعة .. كان هذا المشروع بحق حلما وأملا .. لكنه ذهب مع الريح
لذلك .. وبدون الدخول في تفاصيل الجانب الديكتاتوري لجعفر نميري .. إرتبط ذلك الأمل لدي بشخص هذا الرئيس الراحل مما جعلني أتعاطف معه إلى حد كبير .. كما أن معلوماتي عن الجانب الديكتاتوري له ضعيفة حتى الآن
الحقيقة أنا مستغربة من الكلام عن إنجازات نميري...الرجل في فترة حكمه كان مكروه جدا من السودانيين و كانوا بيطلعوا في المظاهرات يشتموه. نميري تلون بكل الألوان السياسية...بعد سنتين من إنقلابه على حكومة إسماعيل الأزهري المنتخبة إنقلب عليه الشيوعيين نفسهم اللي شاركوه في ثورة مايو 69 لتصحيح الإنحرافات في حكم نميري
ReplyDeleteو في عهده أنشأ جهاز الأمن القومي السوداني اللي كان أسوأ جهاز أذاق السودانيين أصناف الذل و الهوان. و في عهده تأسست الحركة الشعبية وجناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان و أعلن المتمردين الحرب. و بعد ما زهق من الإشتراكية قرر يجيب مصيبة جديدة للسودانيين و قرب جبهة الترابي من الحكم لحد ما قام السودانيين بالإنتفاضة الشعبية في 85 و ساندهم ضباط الجيش بقيادة المحترم سوار الذهب. و طبعا بعد فشل جبهة الترابي في الإنتخابات إنقلبوا على حكومة الصادق و الباقي معروف. الكلام عن إنجازات الرجل و ما قدمه للسودان المعذرة لكن ده كله كلام غير صحيح. السودان بدأ يتدهور في عهد نميري و الرجل سرق أموال السودانيين وهرب بيها بعد الإنقلاب و ما فكر إنه يرجع و لو قرش بعد ما رجع للسودان. الحسنة الوحيدة لنظامه هي فعلا زي ما ذكرت تميز العلاقات مع مصر
كلامك عن نظام البشير و لو إنه فيه بعض الصحة إلا إنه فيه بعض النقصان. معروف للسودانيين إن البشير لم يكن يوما يحكم البلد. في الأول كان الترابي و الآن طه. و كثير من الإتهامات اللي وجهت للبشير كانت محض إفتراء حتى إدعاءات التطهير العرقي المذكورة في كلامك و اللي قامت الدنيا بسببها حتى الآن ما في أي دليل عليها. حكم الإنقاذ و حكومة البشير اللي كان محركها الأساسي هو الترابي السبب الرئيسي في نفوذهم هو نميري
اسفة جدا للإطالة و بأعتذر عن أي أخطاء إملائية
أنا آسف اني بعلق على بوست مختلف .. لكن حضرتك قافل التعليقات فيه
ReplyDeleteفي حاجه حضرتك منصحتش بيها اللي كنت بتحاورهافي البوست التالي
الرجل مختلف عن الست .. عند الرجل غالباً الإثارة بتؤدي للرغبة .. يعني في معظم الحالات إمرأة جميله بتثير الرجل وتجعله يرغبها .. قد يكون الرجل -وخاصة عندنا- فقد الرغبة نتيجة عدم القدرة على الانتصاب أو عدم القدرة على إتمام العملية الجنسية بصورة مرضية .. ففي الحالة دي -وهي شائعة- الفياغرا وبعض الإثارة كافية تماماً لإشعال الرغبة
هو فعلاً الفياغرا شغلها فسيولوجي .. لكن عند الرجل غالباً الإثارة بتؤدي للرغبة .. وبالتالي إا تواجدت الرغبة ولم يوجد ما يثبطها -عدم القدرة- فغالباً الوضع هيختلف
-أنا لا متخصص صحة جنسية ولا متجوز ولا لي في اللعب .. ممكن يكون كلامي فتي .. بس أعتقد اني قريته في أكتر من مكان قبل كده
وبعدين في نظرية علمية معروفة بتقول .. ان العضو اللي مبيستخدمش بيضمر
ReplyDeleteفممكن برضه يكون عدم القدرة أطفأ الرغبة .. وببعض الوقت ممكن الرجل يستعيد ثقته في نفسه وترجع الرغبة
دي بقى مقريتهاش قبل كده
:D:D:D
ياعم هو جعفر نميري كما كان ... سوار الذهب كما كان ... عمر البشير سيكون بإعتبار ماسيكون .
ReplyDelete